responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 308
وجعلته هذه المأثرة يشيد بالسلم والسلام؛ فكان بذلك شذوذًا على ذوق الجاهليين وأشعارهم التي تدوي بفكرة الأخذ بالثأر والترامي على الحروب ترامي الفراس على النار. وقد مضى يصور الحرب في صورة بشعة، يقول:
وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ ... وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ1
مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً ... وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ2
فَتَعرككمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها ... وَتَلقَح كِشافًا ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ3
فَتُنتَج لَكُم غِلمانَ أَشأَمَ كُلُّهُم ... كَأَحمَرِ عادٍ ثُمَّ تُرضِع فَتَفطِمِ4
فَتُغلِل لَكُم ما لا تُغِلُّ لِأَهلِها ... قُرىً بِالعِراقِ مِن قَفيزٍ وَدِرهَمِ[5].
وأنت تراه يصور الحرب في صور مخيفة قبيحة؛ فهي تارة أسد ضار، وتارة ثانية نار مشتعلة، وتارة ثالثة رحى تطحن الناس، وتارة رابعة تلد، ولكنها لا تلد إلا ذراري شؤم. ووسع التهكم؛ فقال إنهم يربحون منها ما لا يربحه أهل العراق من الغلال والدراهم. وهو بذلك يدعو إلى السلام وأن يتحول العرب من هذه الحروب والمعارك الطاحنة إلى حياة المسلم الوادعة الآمنة التي تنتشر فيها الأخوة والمحبة والرحمة. ونراه يصور ما هم فيه من بوار تصويرًا بديعًا، فيقول:
رَعَوْا ما رعوا من ظِمْئهم ثم أوردوا ... غِمارًا تسيل بالرِّماحِ وبالدَّمِ6
فقضَّوا منايا بينهم ثم أصدروا ... إلى كَلَأ مُسْتوبَلٍ مُتَوَخَّمِ7
فهم بحروبهم المستعرة كأنهم يرعون مراعي وخيمة وبيلة في سلمهم. وسرعان.

1 المرجم: المظنون.
2 تبعثوها: تهيجوها، تضر: من ضرى الأُسد إذا تهيأ للفريسة، وأضرى: درب وعود، وتضرم: تشتعل.
3 تعرككم: تطحنكم، الثقال: جلد يجعل تحت الرحى حين تطحن، ومن أجل ذلك ذكره، يريد أنها طاحنة وتلقح كشافًا: تحمل كل عام، وذلك أردأ النتاج. تتئم: تلد توءمًا.
4 أشأم: مشئوم، وأحمر عاد: أراد أحمر ثمود وهو قدار عاقر الناقة، وكان شؤمًا لقومه.
[5] القفيز: مكيال في العراق.
6 الظمأ: ما بين الوردين أو الشربتين، والغمار: المياه الكثيرة.
7 أصدروا: رجعوا ضد أوردوا، مستوبل، مستثقل، ومثلها متوخم أي إنه كريه تعافه الإبل.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست