responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 307
وصور، وسنشير إلى مواضع ذلك عما قليل.
وإذا أخذنا نستعرض شعر زهير وجدناه يَنْظم في المديح والغزل ووصف الصيد والهجاء، وفي تضاعيف ذلك يجنح إلى الحكمة ووصف مكارم الأخلاق. وإذا أبدلنا المديح بالتأبين كانت هذه الموضوعات هي نفسها التي يدور فيها شعر أوس؛ فإنه لم يؤثر عنه مديح إلا أبياتًا متفرقة، وإذا كان مديحه فُقد؛ فإن تأبينه خلد على الزمن، وقد أنشدنا منه قطعة في غير هذا الموضع، وهو يلتقي فيه بزهير حين يشيد بفضائل فضالة بن كَلدَة ومناقبه، التي يعود بها إلى المثل العربي الكريم للمروءة.
وتلمع بين مدائح زهير معلقته، وقد نظمها مشيدًا بِهَرِم بن سنان والحارث بن عوف حين سعيا بالصلح بين ذبيان وعبس فأعلنا أنهما يتحملان ديات القتلى حتى تضع الحرب أوزارها بين القبيلتين المتناحرتين، وتصادف في أثناء ذلك أن قتل الحصين بن ضمضم عبسيًّا ثأرًا لأخيه هرم بن ضمضم، وكان قتله ورد بن حابس العبسي، فثارت عبس وشهرت سيوفها تريد أن تعيد الحرب جَذَعَةً، وسرعان ما تقدم الحارث لهم بمائة من الإبل وبابنه ليختاروا إما الدية وإما قتل فلذة كبده؛ فقبلوا الدية ودخلوا في الصلح، وانتهت الحرب الدامية. وهنا نرى زهيرًا يشيد بهذه المكرمة الجليلة ناعيًا على حُصَيْن فعلته التي كادت تودي بفكرة الصلح، لاهجًا بالثناء على السيدين وما قدما للقبيلتين من ديات حقنت الدماء، يقول:
يَمينًا لَنِعمَ السَيِّدانِ وُجِدتُما ... عَلى كُلِّ حالٍ مِن سَحيلٍ وَمُبرَمِ1
تَدارَكتُما عَبسًا وَذُبيانَ بَعدَما ... تَفانوا وَدَقّوا بَينَهُم عِطرَ مَنشِمِ2
وَقَد قُلتُما إِن نُدرِكِ السِلمَ واسِعًا ... بِمالٍ وَمَعروفٍ مِنَ الأَمرِ نَسلَمِ
فَأَصبَحتُما مِنها عَلى خَيرِ مَوطِنٍ ... بَعيدَينِ فيها مِن عُقوقٍ وَمَأثَمِ3
عَظيمَينِ في عُليا مَعَدٍّ وَغَيرِها ... وَمَن يَستَبِح كَنزًا مِنَ المَجدِ يَعظُمِ4

1 السحيل: غير المبرم: يريد أنهما خير عشيرتهما في كل أمر، أبرماه أو لم يبرماه.
2 منشم: امرأة عطارة كانت في مكة، غمس قوم أيديهم في عطرها وتعاهدوا على الحرب حتى فنوا عن آخرهم. يشبه قبيلتي عبس وذبيان بهم.
3 يريد أنهما لم يشتركا في تلك الحروب؛ فهما يؤديان عن غيرهما الديات.
4 يريد بعليًّا معد رؤساءها وأشرافها. يعظم: يصبح عظيمًا.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست