responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 277
لا نستطيع أن نعتمد عليها في دراسة النابغة، إنما نعتمد على ما رواه الأصمعي، ونتخذه أساسًا لبحث الشاعر وشعره.
على أننا لا نكاد نمضي في رواية الأصمعي حتى نجدها في حاجة إلى مناقشة؛ فإن الأصمعي احتفظ فيها بقصيدته في المتجردة: "أمن آل ميَّة رائح أو مغتد" مع أنه كان لا يسندها كما يقول الشنتمري. ومعنى ذلك أنها ضعيفة الرواية. ونحن لا نقرؤها حتى نجدها تتضمن غزلًَا مفحشًا، وهو غزل لا يتفق وشخصية النابغة الوقور. ولو أن هذا اللون من الغزل كان دائرًا في شعر النابغة لأمكن أن نقبلها؛ ولكنه يأتي شذوذًا في هذه القصيدة، ليدلل -كما مر في غير هذا الموضع- على خبر مصنوع، وضعه الرواة ليفسروا به السبب في غضب النعمان بن المنذر على النابغة؛ إذ جعلوه يتغزل بزوجه هذا الغزل الماجن الذي يندى له الجبين، وكأنما ضاقت الدنيا على النابغة فلم يجد امرأة يتغزل بها هذا الغزل المفحش سوى زوج النعمان. ولو أن الرواة كانوا متعمقين في فهم العصر الجاهلي وما كان فيه من منافسة شديدة بين المناذرة والغساسنة؛ بل لو أنهم تعمقوا في درس شعر النابغة لعرفوا أنه اضطر اضطرارًا إلى مغادرة بلاط النعمان والتوجه إلى الغساسنة حتى يفك أسرى قومه عندهم عقب معارك رجحت فيها كفة الغساسنة؛ بل لقد هزموهم هزيمة منكرة. وبذلك فقد النعمان داعيته في ذبيان، وغضب غضبًا شديدًا. وما زال النابغة عندهم، ليرد كيدهم عن قومه، حتى إذا دار الزمن وتوفي خصما ذبيان من الغساسنة، وهما عمرو وأخوه النعمان، رأي النابغة أن يعود إلى بلاط النعمان بن المنذر، لا خوفًا على نفسه كما يقول الرواة؛ بل خوفًا من تأليبه القبائل على قبيلته؛ فالموقف كله كان موقفًا سياسيًّا، ولم يكن موقفًا شخصيًّا؛ ولذلك كنا نرد قصيدة المتجردة، كما نرد كل ما يتصل بقصة هرب النابغة من النعمان ورجوعه إليه حين علم بمرضه، ومن ثَمَّ كنا نشك في قصيدته الرائية التي يقول فيها:
ألم تر خير الناس أصبح نَعْشُهُ ... على فتيةٍ قد جاوز الحيَّ سائرا
ونحن لديه نسأل الله خُلْده ... يردُّ لنا ملكًا وللأَرض عامرا
فإن الرواة وضعوها وضعًا، ليصوروا لنا النعمان عليلًا، ونفس أسلوبها وما في نهايتها من دعاء يدلان على أنها إسلامية، ومن ثَمَّ ننكرها كما ننكر مقطوعته التي

نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 277
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست