نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 261
المعنى، وكان أحسن طبقته تشبيهًا"1
وواضح أن هذه الفقرة من كتاب طبقات فحول الشعراء تقرر أن امرأ القيس هو الذي فتح للجاهليين أبواب النسيب والغزل ووصف النساء والخيل، وهي تضيف إلى ذلك قرب المأخذ؛ بحيث جعل العبارات قريبة المنال لا يشوبها عسر ولا صعوبة، وأيضًا تضيف أنه فصل بين النسيب والمعنى؛ فلم يخلطه بشيء، بل أسهب فيه وأفرده عما يليه.
وكل من يقرأ المعلقة وما أثبتناه له من شعر يلاحظ استواء في العبارات واتساقًا في ترتيب الألفاظ، مما يدل على أنه كان يملك أعنة اللغة في يده، وقليل جدًّا ما قد نلاحظه عنده من بعض النبو كقوله السابق في المعلقة:
أَحارِ تَرى بَرقًا أُريكَ وَميضَهُ ... كَلَمعِ اليَدَينِ في حَبِيٍّ مُكَلَّلِ2
يُضيءُ سَناهُ أَو مَصابيحَ راهِبٍ ... أَهانَ السَليطَ في الذَبالِ المُفَتَّلِ
فقد كان ترتيب السياق ونسقه يقتضيان أن يكمل وصفه للبرق بأنه في حبي مكلل وسحاب متراكم وأنه يضيء سناه، ثم يشبهه بلمع اليدين ومصابيح الراهب؛ ولكن على كل حال مثل هذا قليل في شعره؛ إذ قلما نجد فيه اضطرابًا في ترتيب ألفاظه ومعانيه.
وحقًّا ما تقوله الفقرة السابقة عند ابن سلام من أنه أحسن طبقته تشبيهًا؛ فتشبيهاته جيدة، وهي تتراكم في المعلقة وفي قصيدته "ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي" تراكمًا يجعله حقًّا صاحب فن التشبيه في العصر الجاهلي فالتشبيهات تتلاحق في صفوف متعاقبة، وقد عقد لها ابن سلام فصلًا في طبقاته[2]، استمده في جملته من القصيدتين السالفتين، وأول ما يلاحظ في هذه التشبيهات أنها مستمدة من واقعه الحسي. وارجع إلى تشبيهاته في المرأة؛ فستراه يشبهها بالبيضة في بياضها ورقتها، كما يشبهها بالدرة والبقرة الوحشية، أما ترائبها فكالمرآة وأما شعرها الغزير فكعذق النخلة المتداخل، وأما خصرها فلين كالزمام، وأما ساقها فكالبردي في بياضه،
1 ابن سلام: ص 46. وانظر الشعر والشعراء: 1/ 57. [2] انظر ابن سلام: ص 67 وما بعدها.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 261