نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 254
عَلى العَقبِ جَيّاشٍ كَأَنَّ اِهتِزامَهُ ... إِذا جاشَ فيهِ حَميُهُ غَليُ مِرجَلِ1
يَطيرُ الغُلامَ الخِفُّ عَن صَهَواتِهِ ... وَيَلوي بِأَثوابِ العَنيفِ المُثَقَّلِ2
دَريرٍ كَخُذروفِ الوَليدِ أَمَرَّهُ ... تَقَلُّبُ كَفَّيهِ بِخَيطٍ مُوَصَّلِ3
لَهُ أَيطَلا ظَبيٍ وَساقا نَعامَةٍ ... وَإِرخاءُ سِرحانٍ وَتَقريبُ تَتفُلِ[4].
كَأَنَّ عَلى الكَتفَينِ مِنهُ إِذا اِنتَحى ... مَداكُ عَروسٍ أَو صَلايَةُ حَنظَلِ[5].
وهو وصف رائع لفرسه الأشقر؛ فقد صور سرعته تصويرًا بديعًا، وبدأ فجعله قيدًا لأوابد الوحش إذا انطلقت في الصحراء فإنها لا تستطيع إفلاتًا منه كأنه قيد يأخذ بأرجلها. وهو لشدة حركته وسرعته يخيل إليك كأنه يفر ويكر في الوقت نفسه وكأنه يقبل ويدبر في آن واحد، وكأنه جلمود صخر يهوي به السيل من ذروة جبل عال، وإن لبْده لشدة حركته ليسقط عنه وينزلق كما تنزلق الصخرة من منحدر بعيد. وهو يصب الجري صبًّا، ويسبق كل الخيل سبقًا، لا يثير غبارًا ولا نقعًا؛ إنما هو أن يحركه راكبه فإذا به يغلي غليان القدر لا يني ولا يفتر، وإذا راكبه لا يستطيع الثبات عليه، وما أشبهه في سرعة انطلاقه بلعبة الخذروف الدوارة التي يلعب بها الصبيان؛ إذ يصلونها بخيط ويسرعون في إمرارها إسراعًا. وهو فرس ضامر كأنه ظبي نافر، فله خاصرتاه النحيلتان، بل لكأنه نعامة خفيفة فله ساقاها الضئيلتان الصلبتان، وهو يهوي في الأرض كأنه الذئب الفزع ويقفز كأنه الثعلب الخائف. وإذا اعترضك خيل إليك للمعانه وبريقه أنك تنظر إلى مداك عروس أو صَلاية حنظل. واستطرد امرؤ القيس يتحدث عن صيده، فوصف سربًا من بقر الوحش عنَّ لهم في الصحراء مصورًا كيف قيَّده فرسه؛ فإذا هو يلحق بأوائله.
1 العَقْب: جري بعد جري، اهتزامه: صوت جوفه عند الجري، الحمى: الغلي، المرجل: القدر.
2 يُطير: يسقط، الخف: الخفيف، والصهوات: موضع اللبد من ظهره، ويلوي بأثواب العنيف: يذهب بها، العنيف: الأخرق. المثقل: الذي لا يحسن الركوب.
3 درير: سريع، خيط موصل: وصلت أجزاؤه، أمره: أمضاه. [4] السرحان: الذئب، التتفل: الثعلب، والإرخاء: العدو، التقريب: القفز. [5] مداك العروس: حجر تسحق عليه طيبها فيبرق، شبه به الفرس في بريقه. الصلاية: حنظلة صفراء براقة.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 254