نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 251
لا تراهما فيه العيون، وكيف كانت تعفي آثار أقدامهما بأذيال ثوبها الموشى. واسترسل يصف محاسنها ومفاتن جسدها وأطرافها، مصورًا كيف تستصبي الرجال وتعبث بقلوبهم.
ومن يقرأ هذه المغامرات القصصية عند امرئ القيس تفد على ذهنه توًّا مغامرات ابن أبي ربيعة في غزله، لا من حيث حواره مع النساء وحكايته لأحاديثهن وكلامهن فحسب؛ بل أيضًا من حيث وصف الدبيب إليهن في الليل ومنعة أحراسهن على نحو ما تصور ذلك رائيته المشهورة:
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر ... غداة غد أم رائح فمهجر
وقد لاحظ طه حسين هذا التشابه في غزل الشاعرين؛ فأنكر ما ينسب إلى امرئ القيس من هذا الغزل القصصي الصريح وقال إنه انتحل انتحالًا، انتحله بعض القصاص على غرار ما وجدوا منه عند ابن أبي ربيعة[1]. وليس هناك ما يمنع أن يكون ابن أبي ربيعة قد عرف غزل امرئ القيس وتأثر به كما تقضي طبيعة التأثر؛ إذ يتأثر اللاحق بالسابق، ومن التحكم أن نرفض ذلك، ولعل خيرًا من هذا الرفض أن نقارن بين صنيعي الشاعرين في وصف مثل هذه المغامرات وما بينهما من فروق، فكلاهما حقًا يتحدث عن زيارته لصواحبه وما يتجشم فيها من أهوال، وما يكون بينه وبينهن من لهو؛ غير أننا نلاحظ عند عمر كما تصور ذلك رائيته تفننًا في رقة النجوى وفي كلف صواحبه به، ونحس أثر الحضارة التي غمرت المدينة ومكة بعد الفتوح؛ فالمرأة تتعلق بالشباب، وتسوق معهم معابثات ومغازلات لم تكن تألفها المرأة الجاهلية لزمن امرئ القيس.
ومعنى ذلك أن هذا المنحى من القصص الغرامي منحى قديم بدأه امرؤ القيس ونماه من بعده الأعشى[2]، ثم كان العصر الأموي فتعلق به عمر بن أبي ربيعة وأضرابه. ولعل من الطريف أنه لا يتضح عند امرئ القيس في المعلقة وحدها؛ فمثلها المطولة "ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي" فإنها تذهب نفس المذهب الذي رأيناه في المعلقة، [1] في الأدب الجاهلي: ص221. [2] ابن سلام: ص35.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 251