responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 171
وواضح أنه يُبقي في الشعر الجاهلي على بقية صحيحة، وإن كانت في رأيه قليلة، ولا تعطينا الصورة الأدبية الوثيقة لهذا الشعر. وقد مضى يبسط الأسباب التي تدفع الباحث إلى الشك فيه واتهامه، وردها إلى أنه لا يصور حياة الجاهليين الدينية والعقلية والسياسية والاقتصادية، كما أنه لا يصور لغتهم وما كان فيها من اختلاف اللهجات، وتباينها بلهجاتها من اللغة الحميرية. أما من حيث حياتهم؛ فيقول إنه عرضها على القرآن الكريم؛ فوجده يمثلها من جميع جوانبها المذكورة تمثيلًا قويًّا؛ فهو يجادل اليهود والنصارى والصابئة والمجوس ويهاجمهم كما يهاجم الوثنيين والوثنية، ويطلعنا في تضاعيف ذلك على جملة معتقداتهم؛ بينما نجد الشعر -كما يقول- بريئًا أو كالبريء من الشعور الديني القوي والعاطفة المتسلطة على النفس. وقياس الشعر الجاهلي في هذا الجانب على القرآن الكريم مردود أو منقوص، لأن القرآن كتاب ديني يريد أن يجمع العرب على الإسلام؛ فطبيعي أن يعرض لدياناتهم ويناقشها، ويبين ما فيها من ضلال، بخلاف الشعر، فإن شاعرًا لم يدع لدين جديد، ومع ذلك فإن في كتاب الأصنام لابن الكلبي ذخيرة كبيرة من الشعر تصور حياتهم الوثنية تصويرًا دقيقًا.
وينتقل إلى حياتهم العقلية فيلاحظ أنها غير واضحة في الشعر المنسوب إليهم، وكأنه يطلب إليهم حياة عقلية راقية أو معقدة، وكانوا في جمهورهم بدْوًا لم يتحولوا إلى طور فكري منظم، وقد عرضنا في غير هذا الموضع لذلك الطور وما يمثله من أشعارهم. ومعنى ذلك أن حياتهم العقلية الفطرية ماثلة في شعرهم. ويخرج من ذلك إلى أن حياتهم السياسية لا تتضح في أشعارهم، مع أنهم كانوا على اتصال بمن حولهم من الأمم، مما يوضحه القرآن الكريم في سورة الروم؛ إذ يعرض علينا العرب شيعتين: شيعة تنتصر للروم وشيعة تنتصر للفرس. وهذا في الواقع لا يصدق على العرب جميعًا؛ إنما يصدق على قريش وقوافلها التجارية التي كانت تنزل في بلاد الدولتين. ومع ذلك فقد كان شعراء نجد والحجاز يتصلون بالغساسنة من أتباع الروم والمناذرة من أتباع الفرس ويمدحونهم ويهجونهم. ولما نشبت الحروب بين قبيلة بكر والفرس قبيل الإسلام هددهم شعراء هذه القبيلة وتوعدوهم طويلًا على نحو ما هو معروف عن الأعشى مثلًا.
ويتحدث عن حياتهم الاقتصادية وأننا لا نظفر بشيء ذي غناء في شعرهم.

نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست