نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 166
يستخرج ولا مثل يضرب ولا مديح رائع ولا هجاء مقذع ولا فخر معجب ولا نسيب مستطرف"[1].
ففي الشعر الجاهلي منتحل لا سبيل إلى قبوله، وفيه موثوق به، وهو على درجات منه ما أجمع عليه الرواة[2] ومنه ما رواه ثقات لا شك في ثقتهم وأمانتهم من مثل المفضل والأصمعي وأبي عمرو بن العلاء. وقد يغلب المنتحل الموثوقَ به؛ ولكن ذلك لا يخرج بنا إلى إبطال الشعر الجاهلي عامة؛ وإنما يدفعنا إلى بحثه وتمحيصه مهتدين بما يقدم لنا الرواة الأثبات من أضواء تكشف الطريق.
وقد لفتت هذه القضية -قضية انتحال الشعر الجاهلي- أنظار الباحثين المحدثين من المستشرقين والعرب، وبدأ النظر فيها نولدكه[3] سنة 1864 وتلاه آلوَرْد حين نشر دواوين الشعراء الستة الجاهليين: امرئ القيس والنابغة وزهير وطرفة وعلقمة وعنترة فتشكك في صحة الشعر الجاهلي عامة؛ منتهيًا إلى أن عددًا قليلًا من قصائد هؤلاء الشعراء يمكن التسليم بصحته، مع ملاحظة أن شكًّا لا يزال يلازم هذه القصائد الصحيحة في ترتيب أبياتها وألفاظ كل منها. وتابع كثير من المستشرقين آلوارد في موقفه الحذر من قبول كل ما يروى للجاهليين، أمثال موير وباسيه وبروكلمان، وكان مرجليوت أكثر من أثاروا هذه القضية في كتاباته إذ كتب فيها مقالًا مفصلًا نشره في مجلة الجمعية الملكية الآسيوية بعدد يولية سنة 1925 جعل عنوانه كما مر بنا "أصول الشعر العربي: The origins of Arabic Poetry ونراه[4] يستهله بموقف القرآن الكريم من الشعر متحدثًا عن بدء ظهوره ونشأته وآراء القدماء في ذلك، ثم ينتقل إلى الحديث عن حفظته، وينفي أن تكون الرواية الشفوية هي التي حفظته، وقد بينا آنفًا بأدلة لا تُدْفع كيف أن سلسلة روايته لم تنقطع حتى عصر التدوين ولكن مرجليوث يذهب هذا المذهب؛ ليقول إنه لم تكن هناك وسيلة لحفظه سوى الكتابة، ثم يعود فينفي كتابته في الجاهلية ليؤكد أنه نظم في مرحلة زمنية تالية للقرآن الكريم!. ويقف بإزاء الرواة المتهمين أمثال حماد وجناد وخلف الأحمر وما كان يطعن به بعض الرواة في بعض؛ ليزعم أن الوضع في هذا الشعر كان [1] ابن سلام: ص 5. [2] ابن سلام: ص 6. [3] انظر في مناقشة المستشرقين لقضية الانتحال، تاريخ الأدب العربي لبلاشير: 1/ 176 وما بعدها. [4] لخص ناصر الدين الأسد هذه المقالة في كتابه "مصادر الشعر الجاهلي" تلخيصًا دقيقًا ص 353 وما بعدها.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 166