responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 164
متخذين إلى ذلك مقاييس كثيرة، وبلغ من حرصهم في هذا الباب أن أهمل ثقاتهم كل ما رُوي عن المتهمين أمثال حماد وخلف، وكان الأصمعي خاصة لهم بالمرصاد، كما كان المفضل الضبي من قبله، وتتابع الرواة الأثبات بعدهما يحققون ويمحصون في التراث. ومن أهمهم في هذا الجانب ابن سلام؛ فقد دون في كتابه "طبقات فحول الشعراء" كثيرًا من ملاحظات أهل العلم والدراية في رواية الشعر القديم من أساتذة المدرسة البصرية التي ينتسب إليها، وأضاف إلى ذلك كثيرًا من ملاحظاته الشخصية.
وهذا الكتاب في الحقيقة هو أول كتاب أثار في إسهاب مشكلة الانتحال في الشعر الجاهلي، وقد ردها إلى عاملين: عامل القبائل التي كانت تتزيد في شعرها لتتزيد في مناقبها، وعامل الرواة الوضاعين، يقول: "لما راجعت العرب رواية الشعر وذكر أيامها ومآثرها استقل بعض العشائر شعر شعرائهم وما ذهب من ذكر وقائعهم، وكان قوم قلت وقائعهم وأشعارهم وأرادوا أن يلحقوا بمن له الوقائع والأشعار؛ فقالوا على ألسن شعرائهم، ثم كانت الرواة بعد فزادوا في الأشعار1"
فالقبائل كانت تتزيذ في أشعارها وتروي على ألسنة الشعراء ما لم يقولوه، وقد أشار ابن سلام مرارًا إلى ما زادته قريش في أشعار الشعراء؛ فهي تضيف إلى شعرائها منحولات عليهم، وقد أضافت كثيرًا إلى شعر حسان[2]، "ويذكر أن من أبناء الشعراء وأحفادهم من كان يقوم بذلك، مثل داود بن متمم بن نُويرة؛ فقد استنشده أبو عبيدة شعر أبيه متمم، ولاحظ أنه لما نفد شعر أبيه جعل يزيد في الأشعار ويضعها، وإذا كلامٌ دون كلام متمم، وإذا هو يحتذي على كلامه؛ فيذكر المواضع التي ذكرها متمم والوقائع التي شهدها؛ فلما توالى ذلك علم أبو عبيدة ومن كانوا معه أنه يفتعله3"
ولعل في هذا ما يدل على أن الرواة من مثل أبي عبيدة كانوا يراجعون ما ترويه القبائل، وكانوا يرفضون منه ما يتبين لهم زيفه؛ إما بالرجوع إلى أصول صحيحة أو إلى أذواقهم وما يحسنون من نقد الشعر ومعرفتهم بالشاعر ونظمه، ويسوق لنا

1 ابن سلام: ص 39 وما بعدها.
[2] ابن سلام: ص م 179، 204 وما بعدها.
3 نفس المصدر ص 40.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست