responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 159
وظل هذا شأن العرب في صدر الإسلام؛ فهم يتناشدون الشعر ولا يقيدونه إلا قليلًا وفي ظروف خاصة، حتى مصرت الأمصار، وراجعت العرب الأشعار، وأخذت فكرة التدوين تسلك طريقها في تسجيل غزوات الرسول وأحاديثه وفي تقييد بعض الأخبار التاريخية؛ فدوّن زياد بن أبيه كتابًا في المثالب، ودوّن عروة بن الزبير غزوات النبي عليه السلام وحروبه، ودون معاوية أخبار عبيد بن شرية أو بعبارة أدق أمر غلمانه بتدوينها، وأخذ بعض الصحابة والتابعين يدون أحاديث الرسول عليه السلام. وقد يكون في تدوين الأحاديث ما ينير لنا الطريق في تدوين الشعر؛ فإن كثيرًا من الصحابة والتابعين كان ينكر تدوينها، ولم تدون تدوينًا عامًّا إلا على رأس المائة، وكذلك نستطيع أن نقول إنه على الرغم من اهتمام القبائل بشعرها الجاهلي وشعرائها الذين يعدون مناط شرفها وفخارها لما يسجلون من مناقبها وأمجادها ومثالب خصومها؛ فإنها لم تعمد إلى تدوين هذا الشعر إلا في حقبة متأخرة من عصر بني أمية.
ويظهر أنهم لم يكونوا يدونون حينئذ أشعار شعرائهم وحدها؛ بل كانوا يدونون معها أخبارهم، ولعل أقدم إشارة إلى هذه المدونات ما أسلفنا من رواية أصحاب الأخبار عن حماد في أول تعلقه بالشعر من أنه نقب ليلة على رجل؛ فأخذ ما عنده وكان فيما أخذه جزء من شعر الأنصار! ويزعم حماد أن الوليد بن يزيد أرسل في طلبه، فقال في نفسه: "لا يسألني إلا عن طرفيه: قريش وثقيف، فنظرت في كتابي قريش وثقيف1"، ويُروى عن ثعلب أن الوليد بن يزيد جمع ديوان العرب وأشعارها وأنسابها ولغاتها، وأنه طلب لذلك من حماد وجناد الكوفيين ما عندهما من هذا الديوان، ثم رد إليهما ما أخذه منهما2".
وإن صحت هذه الأخبار كانت دليلًا على أنه أخذت تظهر مع أوائل القرن الثاني مدونات تاريخية للقبائل لعلها هي التي أعدت فيما بعد لتدوين الرواة أشعار كل منها على حدة بنفس الصورة التي نعرفها لديوان هذيل.
ونمضي بعد عصر الوليد بن يزيد فيلقانا أبو عمرو بن العلاء، وكان يعتمد على الرواية، ولكنه كان يقيد إلى جانبها كثيرًا من الأشعار والأخبار حتى قالوا إن

1 الأغاني: 6/ 94.
2 الفهرست: ص 134.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست