نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 157
فلنهمل إذن من الشعر الشعر الجاهلي ما جاءنا منه عن أمثال حماد وخلف الأحمر وكذلك ما جاءنا منه عن طريق أصحاب الأخبار المتزيدين أمثال عبيد بن شَريَّة ومحمد بن السائب الكلبي وابنه هشام وما وضعه القصاص عن العرب البائدة، وأيضًا ينبغي أن نهمل ما اختلف فيه الرواة، أما ما اتفقوا عليه أو جاءنا عن أثباتهم فينبغي أن نقبله. وكانوا يأخذون بهذا القياس، يقول ابن سلام: "وليس لأحد -إذا أجمع أهل العلم والرواية الصحيحة على إبطال شيء منه: من الشعر- أن يقبل من صحيفة ولا يروي عن صحفي1" ويقول: "قد اختلفت العلماء في بعض الشعر كما اختلفت في بعض الأشياء، أما ما اتفقوا عليه فليس لأحد أن يخرج منه2". واحتفظ ابن سلام في طبقاته بمادة وفيرة من نقد البصرة للرواية والرواة؛ فهو تارة يعد للشاعر القصائد الصحيحة النسبة إليه، وتارة يقف عند بيت أو أبيات بعينها تنسب لشاعر من الشعراء الجاهليين وينص على أنها منتحلة، فمن الضرب الأول قوله عن طرفة عبيد بن الأبرص: "ومما يدل على ذهاب الشعر وسقوطه قلة ما بقي بأيدي الرواة المصححين لطرفة وعبيد بن الأبرص اللذين صحَّ لهما قصائد بقدر عشر. ونرى أن غيرهما قد سقط من كلامه كلام كثير؛ غير أن الذي نالهما من ذلك أكثر، وكانا "من" أقدم الفحول فلعل ذلك لذاك؛ فلما قل كلامهما حمل عليهما حمل كثير3" ثم عاد فوسع الشك في شعر عبيد فقال فيه: "قديم الذكر عظيم الشهرة، وشعره مضطرب ذاهب، لا أعرف له إلا قوله:
أقفر من أهله ملحوب ... فالقطبيات فالذنوب
ولا أدري ما بعد ذلك". ومن الضرب الثاني إنكاره أن يكون النابغة هو الذي قال:
فألقيت الأمانة لم تخنها ... كذلك كان نوحٌ لا يخونُ
وقد عقب على إنكاره بأن أهل العلم أجمعوا على أن النابغة لم يقل هذا 5،
1 طبقات فحول الشعراء: ص6.
2 نفس المصدر والصفحة.
3 ابن سلام: ص 23.
4 ابن سلام: ص 116.
5 ابن سلام: ص 49 وما بعدها.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 157