responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 144
يروونها أبدًا مذ كان أولهم ... يا للرِّجال لشعر غير مشئوم
ولم يكن أبناء القبيلة وحدهم الذين يشيعون شعر شعرائها؛ فقد كان كثير من أفراد القبائل الأخرى يشتركون معهم في إشاعته؛ إذ كان بينهم جم غفير من الحفظة، كانوا يتناقلون الشعر وينشدونه في محافلهم ومجالسهم وأسواقهم؛ إذ لم يكن لهم شاغل سواه، وكان يسجل مآثرهم ومثالبهم وأنسابهم وأيامهم وأخبارهم، ومن ثم قال عمر بن الخطاب: " كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه"[1] فهو كل علمهم وكل حياتهم.
وجاء الإسلام فانكبوا على تلاوة القرآن الكريم، ولكن لم ينسوا شعرهم أبدًا، حتى منذ بدء الدعوة الإسلامية؛ فقد كان الرسول عليه السلام يستحث حسان بن ثابت وغيره من شعراء الأنصار على هجاء قريش والرد على شعرائها، وكان كثيرًا ما يستنشد الصحابة الشعر، حتى شعر أعدائه من مثل أمية بن أبي الصلت، قال الشريد بن سويد الثقفي: "استنشدني النبي صلى الله عليه وسلم شعر أمية بن أبي الصلت فأنشدته، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: هيه، هيه، حتى أنشدته مائة قافية2". وكان أبو بكر نسابة راوية للشعر الجاهلي، وكان يتمثل به أحيانًا في خطابته كخطبته المشهورة في يوم السقيفة، وكذلك كان عمر، وقلما كان يترك وافدًا عليه من قبيلة دون أن يسأل عن بعض شعرائها، وفيه يقول ابن سلام: "كان لا يكاد يعرض له أمر إلا أنشد فيه بيت شعر"[3].
وهذا نفسه شأن الصحابة جميعًا؛ فقد كانوا كثيرًا ما يتناشدون الأشعار ويقصون بعض الأخبار عن جاهليتهم، قال جابر بن سمرة: "جالست رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكثر من مائة مرة؛ فكان أصحابه يتناشدون الأشعار في المسجد وأشياء من أمر الجاهلية؛ فربما تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم"[4].
ومعنى ذلك أن رواية الشعر الجاهلي كانت مستمرة في صدر الإسلام، وقد أخذت تظهر عوامل تشد من أزرها وتقوي من شأنها؛ فقد أخذت تنشأ منذ

[1] طبقات فحول الشعراء: ص 22.
2 ابن سعد 5/ 376 وخزانة الأدب.
1/ 227 والمزهر: 2/ 309.
[3] البيان والتبيين: 1/ 241.
[4] طبقات ابن سعد: 1/ 2: 95
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست