responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 143
نحن إذن بإزاء مدرسة تامة من الشعراء الرواة تتسلسل في طبقات أو حلقات، وكل حلقة تأخذ عن سابقتها وتسلم إلى لاحقتها، ومن أهم ما يلاحظ في هذه المدرسة أن شعراءها أو رواتها كانوا من قبائل مختلفة في شرقي الجزيرة وغربيها، ولعلنا لا نبعد إذا قلنا إن شعراء القبيلة الواحدة كان يروى خلفهم شعر سلفهم، ونص القدماء على ذلك في غير شاعر؛ فقالوا: إن الأعشى كان رواية لخاله المسيب بن علس وكان يأخذ منه[1]، وقالوا: إن أبا ذؤيب الهذلي كان راوية لساعدة بن جؤية الهذلي[2]، ومن يقرأ ديوان الهذليين يجد أواصر فنية قوية تجمعهم وتربط بينهم. وعلى هذا القياس توجد وشائج واضحة بين شعراء قيس بن ثعلبة، فطرفة يروي للمرقش الأصغر عمه ويأخذ عنه، ويروي هذا عن عمه المرقش الأكبر ويحتذي على شعره وأيضًا فإن طرفة كان يروي عن خاله المتلمس الذي ربي في أخواله من بني يشكر. وقد لا تكون القبيلة الجامعة الواصلة؛ فقد يجمع بين الشعراء سلوك في الحياة كالصعاليك أو الفرسان فيروي بعضهم لبعض، ويأخذ بعضهم عن بعض، على نحو ما نلاحظ عند تأبط شرًا والشنفرى أو عند أبي دؤاد الإيادي وزيد الخيل.
ولو أن الرواة لم يرووا لنا هذه الصلات الجامعة أو الرابطة بين الشعراء الجاهليين لحدسناها حدسًا من اتفاقهم على تقاليد فنية واحدة مهما شرقنا وغربنا في الجزيرة، وهي تقاليد جاءت من تمسكهم بنماذج أسلافهم لا يحيدون عنها ولا ينحرفون؛ فهي دائمًا الإمام المتبع، وهم كل شاعر أن يتقن معرفتها عن طريق ما يحفظ من شعر أستاذه وشعراء قبيلته؛ بل أيضًا شعراء القبائل الأخرى. ولم يكن الشعراء وحدهم الذين يهتمون برواية هذا الشعر؛ فقد كان يشركهم في ذلك الاهتمام أفراد القبيلة جميعهم، لأنه يسجل مناقب قومهم وانتصاراتهم في حروبهم كما يسجل مثالب أعدائهم، وإلى ذلك أشار بعض بني بكر معيرًا تغلب لكثرة تردادها لقصيدة واحدة هي معلقة عمرو بن كلثوم، وكأن ليس لها شعر سواها، يقول3:
ألهَى بني تغلب عن كل مكرمة ... قصيدة قالها عمرو بن كلثوم

[1] الشعر والشعراء: 1/ 127 والمرشح للمرزباني ص 51.
[2] الشعر والشعراء: 2/ 635.
3 أغاني: 11/ 54.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست