responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ آداب العرب نویسنده : الرافعي ، مصطفى صادق    جلد : 1  صفحه : 124
والثلاثين، واستقصى فيه كثيرًا من أمثلته، ومنها: صاعقة، وصاقعة، ولعمري، ورعملي, ونحن في ذلك على رأي البصريين؛ لأننا نرى في بعض اللغات المنسوبة "ومنها هذان المثالان" ثبتًا لما ذهبوا إليه.
النحت:
وهو جنس من الاختصار: ينحتون من الكلمتين كلمة واحدة: كعبشمي وعبقسي، وفي النسبة إلى عبد شمس وعبد القيس، وكما ينسب المولودن إلى الإمامين الشافعي وأبي حنيفة رحمهما الله فيقولون: شفعنتي وحنفلتي[1].
ولكن هذا الاختصار إنما هو زيادة في اللغة؛ لأنه يجعل الكلمتين ثلاثًا كما رأيت، فضلًا عما فيه من معنى التصرف بخفة اللفظ مع جميع المعنيين في بعض أنواعه كما قالوا: عجوز صَهْصَلِقْ أي: صخابة، نحتوه من: صهل، وصلق؛ والصلق بمعنى الصوت الشديد، ونحو العَجَمضَى، وهو ضرب من التمر يكون في ضاجم "اسم واد" فنحتوه من "عجم" أي: نوى و"ضاجم".
هذا، وقد ذكر ياقوت في "معجم الأدباء" في ترجمة الظهير النعماني اللغوي، أن عثمان بن عيسى النحوي البليطي شيخ الديار المصرية كان يسأله "سؤال مستفيد" عن حرف من حُوشي اللغة، فسأله يومًا عما وقع في كلام العرب على مثال "شَقَحْطَب" فقال: هذا يسمى في كلام العرب المنحوت، ومعناه أن الكلمة منحوتة في كلمتين "فَشَقَحْطَب" منحوت من "شَقّ حَطَبْ" فسأله البليطي أن يثبت ما وقع من هذا المثال، فأملاها عليه في نحو عشرين ورقة من حفظه وسماها: "كتاب تنبيه البارعين على النحوت من كلام العرب".
وقد ظن بعض المتأخرين من علماء اللغة أن النحت يقع في الثلاثي أيضًا ومثل له بقوله: نبض الماء إذا سال؛ قال: فإنه يصح أن يكون من "نض" و"بض" وكلاهما بمعنى نبض. وقولهم: مَؤُجَ الماء يمؤج فهو مأج إذا ملح، فلا يكون إلا منحوتًا من "ماء" و"أجاج" وذلك ليس بشيء؛ لأن النحت لا بد فيه من الاختصار الجامع للمعنيين، وهذا لا تجده في نبض؛ لأنه مرادف لبض ونض؛ ولأن أقرب ما يظن في المأج أن الكلمة مأخوذة من الموج ولازمه الملوحة.
والعلماء كلهم مجمعون على أن النحت لا يُعْرَف في الثلاثي.
ومن أنواع التصرف بالنحت في العربية هذه الحروف[2]؛ فإن من العلماء من يذهب إلى أنها بقايا كلمات، وقد نص بعضهم على ذلك في أحرف المضارعة، فقال: إنهم أخذوا الهمزة من "أنا" والنون مم "نحن" والتاء من "أنت" وعدلوا عن الواو من هو إلى الياء لكونها أخف منه، وجعلوا الأحرف دليلًا على ما كانت تدل عليه الأصول تقريبًا، فكملت المعاني مع وجازة اللفظ.

[1] قلت: كذا في الأصل، ولعله من اصطلاح بعض المتأخرين من الفقهاء، والذي يطابق مذهبهم أراه أن تكون: شفحتي، وحنشفي؛ بوزن عبشمي في كليهما.
[2] قلت: الحروف من أنواع الكلام: ما دون الأسماء والأفعال.
نام کتاب : تاريخ آداب العرب نویسنده : الرافعي ، مصطفى صادق    جلد : 1  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست