الأفعال الممات؛ ومما عدوه متروكًا من أسماء العادة العربية لزوال معانيه في الإسلام: المرباع: وهو ربع الغنيمة، وكان خاصا بالرئيس، ثم صار في الإسلام، الخمس. والنشيطة: هي أن ينشط* الرئيس عند قسمة المتاع الشيء النفيس يراه، إذا استحلاء. والفضول: وهي فضول المقاسم كالشيء إذا قسم وفضلت فضلة منه: كاللؤلؤة والسيف والدرع والبيضة والجارية؛ فكان ذلك من قسم الرئيس. وقد جمع هذه العادات كلها ابن غنمة الضبي في مرثيته لبسطام بن قيس إذ يقول:
لك المرباع منها والصفايا ... وحكمك والنشيطة والفضول
أما الصفايا فبقيت في الإسلام، وخص بها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه اصطفى في بعض غزواته من المغنم أشياء: كالسيف اللهذم، والفرس العتيق، والدرع الحصينة، والشيء النادر؛ وذلك يسمى الصفي، قالوا: وقد زال هذا الاسم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
والممات من أسماء العادات شيء كثير يستجر الكلام إلى قسم من تاريخ العرب لا يسعه هذا الموضع؛ فقد كانوا أهل مغاورات وإغرام بالمعاقرة والمياسرة ونحوها، ولكل ذلك أسماء وصفات، فنجتزئ بما ذكرناه، ولكن لا بد من التنبية على شيء دقيق في هذا الباب، وذلك أنا لو تدبرنا الكلام الذي نستعمله لرأينا أشياء كانت من عادات العرب الخاصة بها ثم نقلتها الحضارة إلى معنى يناسبها بعد أن انتزعت منها الأصل التاريخي، فمن ذلك أن الواحد يقول: نحن فعلنا، وليس معه غيره، فلا يظن إلا أنه أراد تعظيم نفسه، وأنه ليس لهذا الاستعمال من أصل تاريخي في الكلام, وإنما الأصل أن العرب كانوا قبائل وجماعات, فكان الرئيس الذي له أتباع يغضبون لغضبه ويرضون لرضاه ويتداعون لألمه،
كأنهم أجزاء من شخصه، يقول: أمرنا، ونهينا، وغضبنا، ورضينا لعلمه بأنه إذا فعل شيئًا فعله تباعه لا يخذلونه ولا يخالفونه، ثم كثرة استعمال العرب لهذا الجمع ملحوظة فيه تلك الدلالة، ثم استفاض في الكلام حتى صار الواحد من عامة الناس يقول وحده: قمنا، وقعدنا، لا يريد إلا المعنى الحضري المصنوع، وهو التعظيم الحقير.
..
* قلت: ينشط: يأخذ لنفسه اختلاسًا.