نام کتاب : بدائع البدائه نویسنده : الأزدي، ابن ظافر جلد : 1 صفحه : 214
فلا تبصر ولا ترى. وكان المتوكل ابن الأفطس يعده غاية الأدب، ويعده منبهة للطرب ومدفعة للكرب، فباتوا ليلتهم يديرون لمع لهب، ينمنون فيه الخلود ويحتسون ذوب ذهب، لا يصهر به ما في بطونهم والجلود، حتى تركتهم ابنة الخابية، كأنهم أعجاز نخل خاوية. فلما هزم رومى الصباح زنجي الظلام، ونادى الديك: حي على المدام، انتبه كبيرهم أبو محمد مستعجلاً، وأنشد مرتجلا:
يا شقيقي واف الصباح بوجهٍ ... ستر الليل نوره وبهاؤه
فانتبه واغتنم مسرة يومٍ ... ليس يدري بما يجيء مساؤه
فانتبه أخوه أبو بكر لصوته، وتخوف لذهاب ذلك الوقت وفوته، وانتبه أخوهما أبو الحسن وهو يرتجل:
يا أخي قم تر النسيم عليلا ... باكر الراح والمدام شمولا
لاتنم واغتنم مسرة يومٍ ... إن تحت التراب نوماً طويلا
فانتبه أخوه لكلامه، رافضاً لذة منامه للذة قيامه، وقال مرتجلا:
يا صاحبي ذرا لومي ومعتبتي ... وبادرا قهوةً من خير ما ذخرا
وبادرا غفلة الأيام واغتنما ... فاليوم خمر وتبدي في غدٍ خبرا
قال علي بن ظافر
وركب الأستاذ أبو محمد بن صارة مع أصحابٍ له في نهر إشبيلية، سال أصيلها على لجين الماء عقباناً، وطارت زوارقها في سماء الماء عقباناً، وأبدى نسيمها من الأمواج والدارات سرراً وأعكانا، ففي زورق يجول جولان الطرف، ويسود اسوداد الطرف، فقال بديهاً:
تأمل حالنا والجو طلق ... محياه وقد طفل المساء
وقد جالت بنا عذراء حبلى ... تجاذب مرطها ريح رخاء
بنهر كالسجنجل كوثري ... تعبس وجهها فيه السماء
واتفق أن وقف أبو إسحاق بن خفاجة على القطعة، فاستظرفها واستطابها، فقال يعارضها على وزنها ورويها وطريقها، فأنشد:
ألا يا حبذا ضحك الحميا ... بحانها وقد عبس المساء
وأدهم من جياد الماء نهدٍ ... تنسازع حبله ريح رخاء
إذا بدت الكواكب فيه غرقي ... رأيت الأرض تحسدها السماء
وذكر ابن خفاجة في ديوان شعره
وقد أنبأني به ذو النسبتين الحافظ ابن
نام کتاب : بدائع البدائه نویسنده : الأزدي، ابن ظافر جلد : 1 صفحه : 214