نام کتاب : بدائع البدائه نویسنده : الأزدي، ابن ظافر جلد : 1 صفحه : 181
نسخة من ديوان شعره، فتشاغل بتسويد كتابه جوابه، فلما كتب بعضه التفت إلي وقال: اصنع أبياتاً أكتبها إليه في صدر الجواب، وأذكر فيها شعره، فقلت له: على مثل هذا الحال؟ قال: نعم. فقلت: بقدر ما أنجز بقية النسخة:
أيا ملكاً قد أوسع الناس نائلاً ... وأغرقهم بذلاً وعمهم عدلا
فديناك هب للناس فضلاً يزينهم ... فقد حزت دون الناس كلهم الفضلا
ودونك فامنحهم من العلم والحجا ... كما منحتهم كفك الحود والبدلا
إذا حزت أوفى الفضل عفواً فما الذي ... تركت لمن كان القريض له شغلا!
وماذا عسى من ظل بالشعر قاصداً ... لبابك أن يأتي به قل أو جلا
فلا زلت في عز يدوم ورفعة ... تحوز ثناءً يملأ الوعر والسهلا
قال وكنت عند المولى الملك الأشراف أبقاه الله تعالى في سنة ثلاث وستمائة بالرها
وقد وردت إليه في رسالة، فجعلني بين سمعه وبصره، وأنزلني في بعض دوره بالقلعة بحيث يقرب عليه حضوري في وقت طلبتي، أو إرادة الحديث معي. فلم أشعر في بعض الليالي - وأنا نائم في فراشي - إلا وهو قائم على رأسي، والسكر قد غلب عليه، والشموع تزهو بين يديه، وقد حفت به مماليكه كأنهم الأقمار الزواهر، في ملابس كرياض ذات أزاهر. فقمت مروعاً، فأمسكني وبادر بالجلوس إلى جانبي، ومنعني من القيام عن الوساد، وأبدى من جميله ما أبدلني بالنفاق بعد الكساد. ثم قال: غلبني الشوق إليك، ولم أرد بإزعاجك التثقيل عليك ثم استدعى من بمجلسه من المغنين فحضروا وأخذوا من الغناء فيما يملأ المسامع التذاذاً، ويجعل القلوب من الوجد جذاذا. وكان له في ذلك الوقت مملوكان هما نيرا سماء ملكه، وواسطتا در سلكه، وقطبا فلك طربه وزهوه، وركنا بيت سروره ولهوه، وكانا يتناوبان في خدمته، فحضر أحدهما في تلك الليلة وغاب الآخر، وكان كثيراً ما يداعبني في شأنهما، ويستدعي مني القول فيهما، والكلام في التفضيل بينهما، فصنعت في الوقت:
يا مالكاً لم يحك سيرته ... ماضٍ ولا آتٍ من البشر
اجمع لنا تفديك أنفسنا ... في الليل بين الشمس والقمر
فطرب، وأمر في الحال باستدعاء الغائب منهما، فحضر، والنوم قد زاد أجفانه تفتيرا، ومعاطفه تكسيرا، فقلت بين يديه بديها في صفة المجلس:
نام کتاب : بدائع البدائه نویسنده : الأزدي، ابن ظافر جلد : 1 صفحه : 181