هذا المجتمع، فإن فعلت كان أليق الأسماء بها الاستبداد.
إن المجتمع الإنساني أنكر على القوة حقها المزعوم وضاق صدره بجرائمها وآثامها فقاضاها بين يدي التمدين, ووضع بين يديه جريدة المتهمين من الرؤساء والزعماء وأتى بالتاريخ شاهدا على دعواه, فقضى التمدين له عليها وجاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.
شف ثوب الرياء عما تحته, وظهرت الحقيقة بيضاء ناصعة لا غبار عليها فأصبح الأبطال والمجرمون في نظر الإنسان سواء.
هدم التمدن تلك القاعدة الفاسدة، وهي أن الجرم العظيم أصغر من الجرم الصغير، فأدرك الإنسان أن قتل الشعوب أكبر إثما وأعظم جريرة من قتل الأفراد، واستكبر أن يعتبر الحرب مجدا وهو يعتبر السرقة عارا، وبالجملة عرف أن الجريمة جريمة حيث حلت، وفي أي مظهر ظهرت، وأن القاتل لا يغني عنه من الله شيئا يسمى القيصر أو يدعى الإمبراطور، ولا يخفى على الله من أمره شيء سواء ألبس تاج الملك أم قلنسوة الإعدام.
فلنصرح بالحقيقة المقررة الواضحة، ولنحتقر الحرب أشد الاحتقار.
إن الحرب المباركة لا أثر لها في الوجود.