أمامه، فيسره منظر التبجيل والتعظيم من حاضره ومستقبله، ويلتفت وراءه فيطربه مشهد البغض والازدراء والحقد الذي يكنه الماضي في صدره لأولئك الرجال البواسل الذين حاربوه فانتصروا عليه.
كان فولتير رجلا وأكبر من رجل، كان وحده أمة كاملة، إنه عاهد نفسه على إنجاز عمل عظيم فأنجزه ولم يخلف وعده، وكأن الإرادة الإلهية المتجلية في الشرائع، تجليها في الطبائع، نثرت كنانة هذا المجتمع الإنساني وعجمت عيدانه فوجدت فولتير أصلبها عودا فاختارته للقيام بالعمل الذي قام به فأتمه.
إنا أتينا هنا لفصل الخطاب في المسائل الاجتماعية، جئنا لنرفع شأن المدنية ونكرم الفلسفة إكراما ينفعها ويفيدها، جئنا لنتلو على القرن الثامن عشر رأي القرن التاسع عشر فيه، جئنا لنكرم المجاهدين، والعاملين المخلصين، اجتمعنا لنمهد الطريق للوحدة الإنسانية التي يسعى إليها العلماء والعاملون، والصناع المجدون، وجملة القول إنا ما اجتمعنا هنا إلا لنمجد العاطفة الشريفة السامية عاطفة السلام العام.
إنا نمجد السلام حبا في المدنية وحرصا على رونقها وروائها، فإن السلام فضيلة المدنية والحرب رذيلتها.