علام يتعلم الطالب النحو والصرف إن عجز عن أن يقرأ صحيحا في كل كتاب وكل صحيفة، وعلام يتعلم علوم البلاغة إن عجز عن معرفة أسرار الكلام وأوجه بلاغته وفهم المراد من مختلفات أساليبه وعن البيان بيانا فصيحا يضمنه ما يشاء من أغراضه ومقاصده، وعلام يتعلم المنطق إن عجز عن التمييز بين فاسد القضايا وصحيحها في كل مناحيه ومذاهبه، وإن لم يكن الموضوع الإنسان، ولا المحمول الحيوان الناطق.
عجيب جدا أن يفهم الصانع الأمي أن العلم للعمل فلا يتعلم النجارة إلا ليصنع الأبواب والصناديق، والحدادة إلا ليصنع الأقفال والمفاتيح، وأن يجهل المتعلم هذه القضية الضرورية, فلا يهمه من العلم إلا الاستكثار من المعلومات والقواعد, وإن عجز بعد ذلك عن التصرف فيها، والانتفاع بها في مواطنها.
ما دامت مدرسة الأزهر على هذه الحال من أسلوب التعليم العقيم فليس بمقدور لها في مستقبل الأيام أن ينبغ منها العلماء الذين تستطيع أن تنتفع بهم الأمة انتفاع أمثالها بأمثالهم في مشارق الأرض ومغاربها، فويل للعلم من العلماء.