حتى إذا صفرت يدي وأقفر ربعي أحسست منه مللا كان يدعوه إلى سوء عشرتي وتعذيب جسمي ونفسي، وكان كثيرا ما يتهكم بي ويقول: إني لا أحب المرأة الجاهلة التي لا تفهمني ولا أفهمها، وآونة كان يعرض بي قائلا: إن الرجل السعيد هو الذي يرزق زوجة متعلمة تقرأ له الجرائد والمجلات، وتفاوضه في المسائل الاجتماعية والسياسية، بل يتجاوز التعريض إلى التصريح فيقول كلما دخل علي متأففا متذمرا: ليت لي زوجة كفلانة فإنها تحسن الرقص والغناء والتوقيع على "البيان" فكنت أشك في سلامة عقلة, وأقول في نفسي كيف يفضل الزوجة المتبذلة المستهترة على الحبيبة المحتشمة، ووالله ما تمنيت مرة أن أكون على الصفة التي يحبها ويرضها مع ما كنت أبذل في رضاه من ذات اليد وذات النفس، وبعد فما زال الملل يدب في نفسه دبيب الصهباء، في الأعضاء، حتى تحول إلى بغضاء شديدة، فما كان يلحظني إلا شزرا ولا يدخل المنزل إلا لتناول غرض أو قضاء حاجة، فكنت أحتمل كل هذا بقلب صبور، وجنان وقور، ثم عرض له بعد ذلك أن نقل إلى منصب أرقى من منصبه في بلد آخر على ما تعلم فسافر وحده وتركني في المنزل وحيدة لا مؤنس لي غير طفلتي فلبثت أترقب كتابا منه يدعوني فيه إلى اللحاق به فما أرسل كتابا