القلب فخدعه الخادعون عني، ومن ذا الذي لا يخدع بشاب متعلم مهذب من ذوي المناصب الكبيرة والرتب العالية، وكيفما كان الأمر فقد تم عقد الزواج بيننا فاعتبطت به واعتبط بي برهة من الزمان حسبتها دائمة لا انقطاع لها حتى يفرق بيننا الموت، وكنت امرأة أجمع في نفسي جميع ما يمت به النساء إلى الرجال فما خنته ولا ضقت ذرعا بأمره ولا قطبت في وجهه مرة ولا أتلفت له مالا ولا نقضت له عهدا, فجازاني سوءا بالإحسان، وكفر بنعمة الله بعد الإيمان، وخان ودي، ونقض عهدي، لا لذنب أتيته، أو وصمة يصمني بها، وكل ما في الأمر أنه رجل ملول، ولا تغضب يا سيدي إن قلت لك إن قلب الرجل متقلب متلون يسرع إلى البغض كما يسرع إلى الحب، وإن هذه المرأة التي تحتقرونها وتزدرونها وتضربون الأمثال بخفة عقلها وضعف قلبها أوثق منه عقدا، وأمتن ودا، وأوفى عهدا، ولو وفى الزوج لزوجته وفاءها له ما استطاع أن يفرق بين قلبيهما إلا ريب المنون، قلت: أنا لا أغضب لشي إلا للإنسانية أن ينقض عهدها، ويخفر ذمامها، ثم ماذا تم بعد ذلك، قالت: مات أبي كما تعلم وخلف لي مالا أمكنت منه زوجي فأتلفه بين الخمر والقمر، فكنت أغضي على هفواته رحمة به وشفقة عليه واستبقاء لوده,