فقال كتبت لي النار فما زال الناس يهتفون بقولي:
من يسأل الناس يحرموه ... وسائل الله لا يخيب
والعذاب يخفف عني شيئا فشيئا حتى خرجت ببركة هذا البيت من الجحيم، إلى النعيم.
ذهبنا في الحديث كل مذهب، وذهب بعضنا إلى ارتشاف الخمر، من النهر، في آنية الدر، فانتشينا جميعا فما أفقنا إلا على حفيف رف[1] من إوز الجنة نزل بنا ثم انتفض عن كواعب أتراب، يغنين بالمزاهر والآلات الثقيل والخفيف والهزج، فما أتين على الألحان الثمانية حتى دارت بنا الأرض الفضاء، وحتى ملكنا من الطرب ما يستخف الحلوم، ويطير بالهموم، وقلنا لو علم جبلة بن الأيهم بما نحن فيه لقرع السن على أن باع دينه بسرور محدود، وأنس معدود، ودف وعود، ذكرت جبلة فذكرت لذكره النار وقوله تعالى: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} فتمنيت أن أطلع فأرى المعذبين كما رأيت المنعمين، فألهمت الإذن فأشرت لصاحبي فقام وقمت، وركبنا فرسينا فطارتا بنا حتى انتهينا إلى سور الجنة، فرأينا عنده من الداخل كوخا يسكنه شيخ زري الهيئة، فأشرفنا عليه فقال: [1] الرف القطيع من الطير.