نام کتاب : المنهاج الواضح للبلاغة نویسنده : حامد عونى جلد : 1 صفحه : 92
فصل في بيان مراتب التشبيه:
التشبيه مراتب ثلاث، تتفاوت بحسبها قوة وضعفا، وهاك بيانها:
فالأولى وهي عليا المراتب: ما ترك فيها ذكر الوجه والأداة جميعًا, كما نقول: محمد أسد, فهذا التشبيه يفيد من قوة المبالغة ما لا يفيد غيره.
وجه ذلك: أنه مشتمل على معنى الاتحاد بين الطرفين من وجهين:
1- أن ترك الوجه يفيد بحسب الظاهر[1] عموم جهة الإلحاق, أي: إن المشبه وهو "محمد" في المثال المذكور يماثل المشبه به وهو "الأسد" في جميع صفاته من القوة، والجرأة, والمهابة، والضخامة، وما إلى ذلك من أوصاف هذا الحيوان, إذ لا ترجيح لبعض الأوصاف على بعض عند ترك الوجه وهذا يقوي دعوى الاتحاد بين الطرفين، بخلاف ما لو ذكر الوجه لفظًا أو تقديرًا، فقيل: محمد أسد في الجرأة, أو محمد أسد على تقدير "في الجرأة", فإنه يفيد أن "محمدًا" يماثل الأسد في وصف الجرأة فقط، لا في سائر صفاته؛ فتضعف بذلك دعوى الاتحاد.
2- أن ترك الأداة يفيد بحسب الظاهر[2] أيضًا: أن المشبه به في المثال المذكور محمول على المشبه، والحمل يقتضي اتحادهما معنى, أي: أن يكون المشبه هو بعينه المشبه به، وليس شيئًا سواه وإلا ما صح الحمل فيهما لامتناع حمل أحد المتباينين على الآخر, بخلاف ما لو ذكرت الأداة لفظًا أو تقديرًا فقيل: محمد كالأسد، أو محمد أسد, على تقدير الكاف, فإنه يفيد أن المشبه غير المشبه به، وهذا يضعف دعوى الاتحاد بينهما.
فترك الوجه والأداة إذًا يفيد معنى اتحاد الطرفين من جهتين، كما بينا؛ لهذا كان التشبيه عند تركهما[3] في المرتبة الأولى.
والثانية وهي الوسطى: ما ترك فيها ذكر أحدهما -الوجه أو الأداة- كما تقول: محمد كالأسد، أو محمد أسد في الجرأة, وإنما كان التشبيه في هاتين الصورتين في المرتبة الوسطى لاشتماله على معنى اتحاد الطرفين من جهة واحدة أي: من جهة عموم الإلحاق كما في صورة ترك الوجه، أو من جهة [1] إنما كانت إفادته العموم بحسب الظاهر؛ لأن الوجه في الحقيقة وصف خاص قصد اشتراك الطرفين فيه "كالجرأة" مثلًا كما سبق بيانه. [2] إنما كان الحمل ظاهرًا أيضًا؛ لأنه لا حمل في الحقيقة, وإنما هو تشبيه أحدهما بالآخر. [3] إنما عبرنا بالترك في جانب حذف الوجه والأداة؛ لأن معناه عدم الذكر لفظًا وتقديرًا, وهذا هو المراد؛ لأن مدار المبالغة على دعوى الاتحاد, وهي لا تجامع التقدير في نظم الكلام.
نام کتاب : المنهاج الواضح للبلاغة نویسنده : حامد عونى جلد : 1 صفحه : 92