responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنازل والديار نویسنده : أسامة بن منقذ    جلد : 1  صفحه : 7
قلت: كان رحمه الله تأخر عنا، وخرجت أنا وأخواي إلى دمشق، ثم إلى مصر، فكان يتأسف لبعدنا عنه، وخلو منازلنا منا.
وهذا شيء من شعري في هذا المعنى، بعد ما أصابنا من الزلازل ما أصابنا، قلت:
إلى الله أشكو روعتي لمنازل ... خلت، وجوى قلبي لأهل المنازل
سيوفي إذا ما نازلتني ملمة ... حصوني إذا خفت الردى ومعاقلي
مضوا سلفاً قبلي فلم أحظ بعدهم ... من العيش والعمر الطويل بطائل
وقلت:
هذي منازلهم عفت وتفرقوا ... فسل المنازل عنهم ماذا لقوا؟!
تخبرك أن الأرض قد وارتهم ... وأبت لهم أن يسمعوا أو ينطقوا
وبقيت بعدهم لهم فادح ... وكآبة تضنى، وخطب يطرق
أرجو اللحاق بهم، ودون لحاقهم ... باب من الأجل المؤقت مغلق
فإذا نهاني عن رجاء لقائهم=يأسى هفا قلب إليهم شيق وقلت:
قل للذي فقد الأحبة وانثنى ... يسقى منازلهم دموعاً تسجم:
ماذا وقوفك في الديار مسائلاً ... عن أهلها، ومتى يجيب الأبكم؟!
سل عنهم صرف الزمان فإنه ... بهم من الدار المحيلة أعلم
أفناهم ريب المنون، وهذه ... آثارهم عظة لمن يتوسم
هي شيمة الأيام: كف تبتنى ...
مذ كانت الدنيا
وكف تهدم
وإذا رأيت محسدين فقلما ... ترجيهم الأيام حتى يرحموا
وترى تقلب هذه الدنيا بنا ... وكأننا فيها سكارى نوم
وقلت:
يعنفني في الدار صحبي على البكا ... فيا ويح قلبي من خلي وجاهل؟
وقالوا: أتبكي للمنازل؟ قلت: لا ... ولكنما أبكى لأهل المنازل
وقلت:
حيي ربوعك من ربى ومنازل ... ساري الغمام بكل هام هامل
وسقتك يا دار الهوى بعد النوى ... وطفاء تسفح بالهتون الهاطل
حتى تروض كل ماح ما حل ... عاف، وتروى كل ذاو ذابل
أبكيك، أم أبكى زماني فيك، أم ... أهليك، أم شرخ الشباب الزائل
ما قدر دمعي إن تقسمه الجوى ... والوجد بين أحبة ومنازل؟
أنفقته سرفاً وهأنا ماثلٌ ... في ماحلٍ أبكى بجفن ما حل
وإذا فرغت إلى العزاء دعوت من ... لا يستجيب، ورمت نصرة خاذل
وقلت:
أنظر منازل آل منقذ إنها ... عظمة اللبيب، وعبرة للناظر
كانوا بها في نعمة محروسة ... بمكارم وذوابلٍ وبواتر
ما رامها ملك ولا ذو قدرة ... إلا انثنى عنها بقلب طائر
متلهفاً ما اسطاعها، ومن الذي ... يلج العرين على الهزبر الخادر؟!
فأصابها قدر فأهلك من بها ... وأعاد شامخها كرسم داثر
فإذا ذكرتهم عرتني حسرة ... تمرى سحائب دمعي المتبادر
وقلت:
يا منزلاً كان فيه العز مقترنا ... بالسيف، والمال مقروناً إلى الكرم
من خاف جوراً وعدماً ثم لاذ به ... لاقى الأمانين من جور ومن عدم
أفنت حماتك أحداث الزمان، فيا ... لله من فتكها بالأسد في الأجم!
أعيت مناواتهم غلب الملوك إلى ... أن جاءهم قدر قد خط بالقلم
"فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم" ... كأن ما خولوه كان في الحلم
ولم تدع منهم إلا حديثهم ... كما تحدث عن عاد وعن إرم
فيا لقلبي لأحزان أكاتمها ... عليهم، ولدمع غير مكتتم!
وقلت:
غاضت دموعي في المنازل وارعوى ... صبري، وراجعني الرقاد النافر
إن لم أسح بها سحائب أدمع ... ينجاب خشيتها الغمام الباكر
أأحمل الأطلال منة عارض ... وسحاب دمعي مستهل ماطر؟!
إني إذن بشؤون عيني باخل ... وبعهد من سكن المنازل غادر
وقلت:
إن لم تطيقا يوم رامه ... أن تسعدا، فذرا الملامه
عنفتماني أن وقف ... ت بمنزل أقضى ذمامه
وشكوتما ... من وقفة
فيه
الكلالة والسآمه
هو منزل الأحباب لم ... يدع البلى إلا رمامه
وعلى حق أن تصافح سحب أجفاني رغامه
وأبيكما لأروي ... ن ولو بسح دم أوامه
فإلام لومكما؟ أفي ... رعي العهود على آمه؟!
وقلت:
هذي منازلهم وأن ... ت بهم معنى مغرم
فاسفح دموعك في ثرا ... ها أو يمازجها الدم

نام کتاب : المنازل والديار نویسنده : أسامة بن منقذ    جلد : 1  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست