المقابسة التاسعة والتسعون
في أن العالم من حيث هو كائن فاسد ومن حيث هو فاسد كائن
سمعت بعض مشايخنا ببغداد، وغالب ظني أنه نظيف الرومي يقول: العالم من حيث هو كائن فاسد، ومن حيث هو فاسد كائن، فلذلك نظمه بدد، وبدده نظم، ومتصله مفصول، ومفصوله متصل، وغفله موسوم، وموسومه غفل، يقظته رقاد، ورقاده يقظة، وغناه فقر، وفقره غنى، وحياته موت، وموته حياة؛ قال: فلا أطيل، ها هنا مثل ينزع إلى الحس ضرورة ويعترف به العقل اضطراراً: أنظر إلى السماء نظراً شافياً، وتأملها تأملاً بليغاً، وجل في آفاقها ببحثك ونظرك ملياً، واستقر صورها استقراء تاماً، فإنك تجد نجومها منتثرة متساقطة كأن سلكها قد وهى، ونظمها قد انخرط. على هذا إدراك الحس، وسابق العيان، وشهادة النظر، وظاهر الخبر والأثر، ثم إنك لا تستثبت بعد إمعان النظر وإنعام الفحص ومواصلة