المقابسة السابعة والتسعون
في عيون من كلام الأوائل المنقولة بالترجمة
هذه مقابسة استفدتها من مواضع مختلفة هي أعيان كلام الأوائل بالترجمة المنقولة إلينا، وهي وإن كانت محتاجة في بعض حروفها إلى تفصيل وشرح، فإنها صالحة الفوائد كثيرة العوائد، ولعلها تتعلق ببعض ما يكون إيضاحاً لها عند الرواية، إن نظائرها قد مرت شافية بالبيان، مستوفاة بالبرهان والقليل من هذا الفن كثير، والصغير كبير: فأول ذلك: قال بعض الأوائل: الكرم والنبات المشتبه به إذا أخذ منه الجزء نبت من القضيب الكرمة والتفاحة والرمانة، فإن هذا منه ما ينبت ومنه ما لا ينبت إلا في أصله، وعلة ذلك أن صورة الكرمة وما أشبهها، غالبة على صورتها، فلا تنمى ولا تنبت إلا بالأصل الذي تجتمع فيه القوى الطبيعية، وهي الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة.
وقال أيضاً: النفس والعقل صورتان يحتملهما أو أحدهما، فإذا أتممت تلك الصورة وأمكنتها أعطتها النفس تمام ما تهيأت له، فتكون أول طبقات الأنفس وهي النامية، وتكون في الحيوانية ولا تكون في الإنسانية، فتمام الشيء الذي انبعث منه على قدر احتماله فتصير له مثال حقا، وصنم مشبهاً لطيفاً من الأنفس العاقلة منها وغير العاقلة.
وقال قائل: لم كان للعقل ثلاث جهات: جهة إلى ربه، وجهة إلى معقولاته، وجهة إلى ذاته؟ فقيل له: إن جهته إلى الباري هي التي جعلته