معان كثيرة
وأملى أبو سليمان على جماعة، كنت أحدهم سنة إحدى وتسعين وثلثمائة وقد سئل عن الواحد فقال: الواحد أسم مشترك يدل على معادن كثيرة، أحدها وهو أحقها بهذا الاسم، فهو واحد بالعدد، وهو إما أن يوجد من حيث هو مطلق، وموضوعها النفس من غير أن يوجد معه أمر من الموجودات، وهو بهذا الوجه يعني المعاد، وعلى هذا سواء أخذ واحداً أو أخذت وحدة، ويكون مبدأ العدد الذي هو جمع الوحدات كما يقال فرس واحد، وإنسان واحد. وهذا الوجه يعني المعدود. قال: ويقال أيضاً الواحد على ما هو واحد في الجنس، كما يقال: إن الإنسان والفرس واحد في الحيوانية، ويقال أيضاً: واحد بالنوع كما يقال: زيد وعمرو واحد في الإنسانية، ويقال أيضاً واحد بمعنى أنه غير متجزئ بمنزلة النقطة، والآن وعلى هذا الوجه أيضاً يقال في الشخص إنه واحد وإنه متجزئ من قبل أنه جزئي فشذ؛ ويقال أيضاً واحد في الموضوع. وهذا الضرب يقال منه المتصل الذي هو واحد بالفعل، وكثير بالقوة، ومنه ما هو واحد في الذات وكثير في الحد، كما يقال إن زيداً لكاتب، إذا كان طبيباً أو منجماً أو ذا صناعات كثيرة، إنه الطبيب والكاتب والمنجم واحد في الموضوع من قبل أن الذي هو كائن هو بعينه فاسد وكثير في أحد، لأن حد الفاسد خلف حد الكائن، ويقال أيضاً على ما هو واحد في المناسبة، كما يقال: إن النقطة الواحدة وقلب الحيوان وعين النهر واحدة بالمناسبة، معناه إن نسبة كل واحد منها إلى ما له مثل نسبة واحدة. ويقال أيضاً على ما هو واحد في الحد وكثير في الاسم، كما يقال: إن الثوب والرداء والإنسان والبشر واحد في الحد، وكثير في الاسم، وكذلك الخمر والخندريس وسائر الأسماء المترادفة على معنى واحد. ويقال أيضاً على ما هو واحد في الاسم كثير في الحد، بمنزلة الكلب والعين، فإن الكلب يدل على النابح والكواكب وحديده الحداد، وكذلك العين على العضو الذي يبصر به، وعلى عين الذهب، وعين الماء، وعين الركبة. وأليق هذه المعاني أن يوصف به الموجود الأول ما كان واحداً بالموضوع