المقابسة الخامسة والسبعون
في بيان الفرق بين الفعل والعمل
سألت أبا سليمان عن الفرق بين الفعل والعمل فقال: الفعل يقال على ما ينقضي، والعمل يقال على الآثار التي تثبت في الذوات بعد انقضاء الحركة. قال: والفعل أيضاً يعم كل معنى صادر عن ذات، وحد الفعل أنه كيفية صادرة عن ذات، والانفعال كيفية واردة على ذات. فالفعل يقال على التحقيق على هذا المعنى، وهو الذي يقال إنه مقولة من القولات العشر. ويقال على العموم، أي على أي معنى صدر عن ذات.
المقابسة السادسة والسبعون
في أن النفس ليست قائمة بذاتها
لأنا لا نجدها إلا في الجسم المركب
قيل لأبي سليمان: النفس ليست قائمة بذاتها لأنا لا نجد النفس إلا في الجسم المركب.
فقال: هذا كلام من لا إلف له في هذا الفن، وقد يعرف الشيء من ناحية إعتياصه ودقته، وقد يعرف من ناحية بلادة الناظر فيه. إذا قلنا: النفس قائمة بذاتها، فإنا نريد بهذا أنه لا علاقة لها مع الجسم ولا صلة، ولا وصل ولا انفصال، ولا تحريك ولا تصريف. بل إن قلنا: إن النفس في الجسم فالمراد به أن قواها هي السابحة فيه أو بادية عليه. وإن قلنا: إن النفس قائمة من دون الجسم بذاتها فالمراد بذلك أيضاً أنها غير ملابسة له كملابسة الدهن