أشكاله، ولا عذبت موارده ومصادره، ولا بحوره وطرائقه، ولا ائتلفت وصائله وعلائقه.
وقال كلاماً أكثر من هذا وقد أخرته إن شاء الله لرسالة معدودة في الكلام على الكلام، ثمرة هذا بتمامه فيها مع سائر ما يكون له بشرح تام وعناية بالغة، إن ساق الله إلى غايتها، ورفع هذا الفساد الذي قد منع من كل ما تهم النفس به من الخير، وصد عن كل ما يكون سبباً للسعادة. ولا ملجأ إلا إلى الله في كشف هذه الضراء، وإماطة هذه الأواء، فهو أول كل خير، وميسر كل طالب وناصره.
المقابسة الواحدة والستون
في أن النفس قابلة للفضائل والرذائل والخيرات والشرور
قال أبو سليمان، وأنا أقرأ عليه كتاب النفس للفيلسوف سنة 371 إحدى وسبعين وثلثمائة بمدينة السلام.
إن النفس قابلة للفضائل والرذائل، والخيرات والشرور، والأخلاق التي تعسر من وجه في تهذيبها ويتأتى ذلك من وجه آخر لعلة عجيبة، ولذلك أن الحيوانية منه للإنسان أخلاقاً، وهي لا تستحيل ولا تتغير. ولناطقة أيضاً أخلاق تترقى بها وتكمل، فما أخذ من الأخلاق في طريق الطهارة والصفاء، فهو في قبيل القوى الناطقة، وما صعب منها، فهو في قبيل الحيوانية. وليس يجب على الناظر المتحرز، والمجتهد المتعزز، أن ييأس من صلاح ما يمكن صلاحه لتعذر ما لا يمكن ذلك فيه. وقد شفي الكلام في هذا الباب أبو زيد البلخي في كتابه الذي سماه باختيار السيرة ومن استوعب ذلك بفهمه وتذوقه بعلمه لحظ من هذا الباب أبعد مرام، وفاز