ذلك الأشكال المختلفة في الأشخاص، وتبدو قواه بوسائط المسانح والإحساس، فأما إذا وفى حقها فيما يقبل منها ما دونها، وينقاد لها ويأتمر لأمرها، ويجري على رسمها، ويظهر تشكلها في الأجزاء المتشابهة المختلفة العناصر، المختلطة والمتميزة، والمواد المستعدة والأبية، والأشتات المتلائمة والمتباينة، فإنها في حد الفاعلة التي تطبع وتنقش، وتصلح وتجمع، وتؤلف وتنقض، وتحظر وتبيح، وتندر وتستخرج. وهذه الرتبة حصلت لها من تقبلها للنفس لأنها أعطتها صورتها وكانت فاعلة بها، ولأنها قبلت منها فكانت منفعلة لها، فلها المرتبتان والحدان، بنظر ونظر، ووجه ووجه.
قال: وإذا وقف على هاتين الحالتين، الأولى بموجب اللسان العربي، والثانية بقضية الاعتبار النظري، لم يبق في الطبيعة من هذا النسق ما يفتقر إلى إيضاحه والإبانة عنه، لأن التصفح قد أتى على كل ما كان في القوة من هذين الوجهين. فأما حدها الذي هو لها بالتحقيق وهو ما قال أرسطو طاليس إنه مبدأ الحركة والسكون. وإيضاح هذا بين في الكتب الموضوعة فيه وفي أشكاله، وإنما قويت العناية في شرح هذا القول على قدر ما بدا من المسئلة والجواب.
تابعت حاطك الله من هذه المقابسات الثلاث لأنها متواخية في بابها، أعني أنها في حديث النحو واللغة والمنطق والنظر، وبهذا تبين لك أن البحث عن المنطق قد يرمى بك إلى جانب النحو، والبحث عن النحو يرمي بك إلى جانب المنطق، ولولا أن الكمال غير مستطاع لكان يجب أن يكون المنطقي نحوياً، والنحوي منطقياً، خاصة والنحو واللغة عربية، والمنطق مترجم بها ومفهوم عنها. والخلل على قدر ذلك قد دخل فيها بنقل بعد نقل، وشرح بعد شرح.