responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحاسن والمساوئ نویسنده : البيهقي، إبراهيم    جلد : 1  صفحه : 110
قال المبرد: حدثني محمد بن عامر الحنفي قال: ذكروا أن فتياناً كانوا مجتمعين قد ائتلفوا في نظام واحد كلهم ابن نعمة وكلهم قد شرد عن أهله وقنع بأصحابه، فذكر ذاكرٌ منهم وقال: كنا قد اكترينا داراً شارعتها على أحد طرق بغداد المعمورة بالناس فكنا لا نستكثر أن تقع مؤونتنا على واحد منا إذا أمكنه ويبقى الواحد منا لا يقدر على شيء فيقوم أصحابه بأمره الدهر الأطول، فكنا إذا أيسرنا أكلنا من الطعام أطيبه ولبسنا من اللباس ألينه ودعونا الملهين والملهيات وكنا في أسفل الدار، وإذا عدمنا الطرب جلسنا في غرفة لنا نتمتع فيها بالنظر إلى الناس، وكنا لا نُخلّ بالنبيذ في عسرٍ ولا يسر ولو نبيع الثوب من الأثواب، فإنا لكذلك يوماً إذا بفتىً يستأذن علينا، فقلنا له: اصعد وادخل، فإذا رجل حلو الوجه سريّ الهيئة تنبّيء رؤيته أنه من أهل النعم. فأقبل علينا فقال: إني سمعت بمجتمعكم وحسن منادمتكم وصحة ألفتكم حتى كأنكم أُدرجتم جميعاً في قلب واحد فأحببت أن أكون واحداً منكم وأن لا تحتشموني. قال: وصادف ذلك منا إقتاراً من القوت وإكثاراً من النبيذ. فقال لغلام معه: هات ما عندك. فغبر عنا غير بعيد ثم أتى بسلة خيزران فيها طعام من جداء ودجاج وفراخ ورقاق وأُشنان وأخلّة ومحلب فأصبنا من ذلك الطعام ثم أفضنا في شرابنا وانبسط الرجل، فإذا هو أحلى خلق الله إذا حدث وأحسنهم استماعاً إذا حُدث وأمسكهم عن ملاحاة إذا خولف، ثم أفضينا معه إلى أكرم مخالعة وأجمل معاشرة، فكنا ربما امتحناه بأن ندعوه إلى الشيء الذي نعلم أنه يكرهه فيظهر لنا أنه لا يحب غيره ويُرى ذلك في أسارير وجهه، فكنا نغنى به عن حسن الغنى ونتمثل بكلامه ونتدارس أخباره، فشغلنا بظرفه وبما عاشرنا به عن وصفه والسؤال عن تعرف اسمه ونسبه، فلم يكن عندنا من أمره إلا معرفة الكنبة، فإنا سألناه عنها فأنبأنا أنه يكنى أبا الفضل، فقال لنا يوماً بعد اتصال الأنس: ألا أخبركم كيف عرفتكم؟ قلنا له: إنا لنحب ذاك. فقال: أحببت جاريةً في جواركم وكانت مولاتها ذات حبائب فكانت تختلف بالرسائل بينها وبين حبائبها وكنت أجلس لها في الطريق ورأيت غرفتكم هذه فسألت عن خبرها فخبّرت عن ائتلافكم ومساعدة بعضكم بعضاً فكان الدخول عندي فيما أنتم فيه آثر عندي من الظفر بالجارية. فسألناه فخبرنا بمكانها. فقلنا له: فإنا نخدعها لك حتى يظفرك الله بها. قال: يا إخوتي إني والله على ما ترون من شدة الشوق إليها والكلف بها وما قدّرت فيها حراماً قط وما تقديري إلا مطاولتها ومصابرتها إلى أن يمنّ الله جل وعز بثروةٍ فأشتريها. فأقام معنا شهرين ونحن به على غاية الاغتباط وبقربه على غاية السرور، ثم احتبس عنا فتألمنا لفراقه كل ممضّ ولوعة مؤلمة ولم نعرف له منزلاً نلتمسه فيه فيكون فقده أخف علينا، فكدر عيشنا الذي كان صافياً قد طاب لبابه، وقبح ما كان قد حسن لنا بقربه وانصرام الغمّ بمحادثته، فكنا فيه كما قال القائل:
يذكرنيهم كلّ خيرٍ رأيته ... وشرٍ فما أنفك منهم على ذكر

نام کتاب : المحاسن والمساوئ نویسنده : البيهقي، إبراهيم    جلد : 1  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست