responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 101
عند ذلك فإن أصحاب هذه الدور كانوا يتخذونهم لتسلية روادها وابتزاز أموالهم؛ فكانت مألفًا للشعراء يختلفون إليها، وكانوا ينظمون فيهن أشعارهم، وهن يغنينهم فيها؛ بينما هم يشربون ويقصفون، ومن غير شك كنَّ من أهم الأسباب في إذاعة الشعر العباسي الحديث عند مطيع بن إياس وبشار وأبي نواس وأضرابهم، إذ كنَّ يحملنه معهم حين يُبَعْنَ، فيدخلنَ به في دار الخلافة ودور الأشراف، كما ينقلنه إلى الأمصار الإسلامية اللائي يرحلن إليها.
ويصور كتاب الأغاني هذ الجانب العابث من الحياة العباسية، جانب القيان وغنائهم والأغاني التي تغنوا بها وأخبارهن مع الشعراء الذين كانوا يختلفون إلى دورهن وما نشأ بينهم وبين هؤلاء القيان أو الجواري من حب، صوروه تصويرًا طريفًا في أشعار كنَّ يتغنين بها، وذاعت في كل مكان. وقلما يلمع شاعر إلا وله جارية أو جوارٍ يُذعن شعره، فلمطيع بن إياس جواريه، ولبشار جواريه الأخرى، واشتهر غير شاعر بجارية وقف عليها شعره، اشتهر أبو نواس بجنان، واشتهر أبو العتاهية بعُتْبَة والعباس بن الأحنف بفوز ومحمود الوراق بِسَكن وسعيد بن حميد بفضل. وكان مسلم بن الوليد يلقب بصريع الغواني.
وطبيعي أن تكون حياة هؤلاء القيان والجواري حياة ماجنة، ليس فيها طهر إلا شذوذًا، وصور الجاحظ العلة في ذلك، فقال: "كيف تسلم القينة من الفتنة أو يمكنها أن تكون عفيفة؛ وإنما تكتسب الأهواء وتتعلم الألسن والأخلاق بالمنشأ، وهي إنما تنشأ من لدن مولدها إلى أوان وفاتها فيما يصد عن ذكر الله من لهو الحديث ... وبين الخلعاء والمجان ومن لا يسمع منه كلمة جِدّ، ولا يرجع منه إلى ثقة ولا دين ولا صيانة ولا مروءة، وتَروي الحاذقة منهم أربعة آلاف صوت "أغنية" فصاعدًا، يكون الصوت فيما بين البيتين إلى أربعة أبيات، وعدد ما يدخل في ذلك من الشعر، إذا ضُرب بعضه ببعض، عشرة آلاف بيت، ليس فيها ذكر الله إلا عن غفلة، ولا ترهيب من عقاب ولا ترغيب في ثواب، وإنما بنيت كلها على ذِكْر العشق والصبوة والشوق والغُلمة، ثم

نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 101
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست