responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد المفصل نویسنده : الحلي، حيدر    جلد : 1  صفحه : 91
ترى لحنيني أو حنين الحمائم ... جرت فحكت دمعي دموع الغمائم
وهل من طلوع أو ربوع ترحّلوا ... فكلٌّ أراها دارسات المعالم
دعوا نفس المقروح تحمله الصبا ... وإن كان يهفو بالغصون النواعم
تأخّرت في حمل السلام عليكم ... لديها لما قد حمّلت بسلالم
فإنَّ فؤادي بعدكم قد فطمته ... من الشعر إلاّ مدحه لابن فاطم
ومن الجيّد قول بعضهم وفيه قلب الحروف:
قيل كلّ القلوب من ... رهب الحب تضطرب
قلت هذا تخرّصٌ ... قلب بهرام ما رهب
وأمّا براعة الختام؛ وهو الذي سمّاه التيفاشي حسن المقطع، وسمّاه ابن أبي الأصبع الختام، وسمّاه صاحب التلخيص حسن الإنتهاء، فهو عندهم عبارة عن أن يختم المنشىء إنشائه بأحسن كلام يحسن السكوت عليه، ولا ينتظر المخاطب غيره، ولقد أحسن الحريري المحافظة على ذلك في مقاماته. وأمّا أواخر السور فممّا لا يجاري لأنّها وردت على أكمل الوجوه من الإبتداء والإنتهاء، وكيف لا وهو كلام ملهم الكلام.
وأمّا براعة الكلام في الشعر؛ فهي عبارة عن أن يختم القصيدة بأجود بيت يحسن السكوت عليه، لأنّه آخر ما يبقى في الأسماع، وربّما حفظه السامع دون غيره لقرب العهد به، والحذّاق النقّاد يحافظون عليه، قال السيّد الرضي في مدح أبيه:
أمعثّر الأحداث في أذيالها ... وافاك مدحي والجدود عواثر
إنّي لأرضى أن تكون ممدّحاً ... وعلاك لا يرضى بأنّي شاعر
وقال مهيار:
فبقيتم والحاسدين علاكم ... لا خير في مجد بغير حسود
وقال أبو نؤاس:
وإنّي جدير إذ بلغتك بالمنى ... وأنت بما أمّلتُ منك جدير
فإن تولني منك الجميل فأهله ... وإلاّ فإنّي عاذرٌ وشكور
وقال بعضهم:
بقيت بقاء الدهر يا كهف أهله ... وهذا دعاء للبريّة شامل
وقال الأرجاني:
بقيت ولا أبقى لك الدهر كاشحاً ... فإنّك في هذا الزمان فريد
علاك سوارٌ والممالك معصم ... وجودك طوقٌ والبريّة جيد
وقال إبراهيم الغزي:
بقيت بقاء الدهر ما ذرَّ شارق ... وغار جديد المكرمات وأنجدا
وقال ابن النبيه:
دمتم بني أيّوب في نعمة ... تحوز بالتخليد حدّ الزمان
والله لا زلتم ملوك الورى ... شرقاً وغرباً وعَلَيَّ الضمان
وقال ابن سنا الملك أيضاً:
بقيت حتّى تقول الناس قاطبة ... هذا أبو إلياس أم هذا أبوالخضر
وقال المتنبي:
وأعطيت الذي لم يعط خلق ... عليك صلاة ربّك والسلام
أقول: وقد أوقفناك على خلاصة القول في براعة المطلع وحسن التلخّص والمقطع. فأمّا قصيدتنا التي هي عنوان هذا الباب، فبراعة إستهلالها قولنا:
قفا حييا بالكرخ عنّي حبيبها ... فياطيب ريّاه الغداة وطيبها
فهو كما تراه سهل الألفاظ، حسن السبك، متناسب القسمين، مفرغ في قالب العذوبة، مشعر بأنّه في مدح ملك من ملوك بغداد، مقتبل الشبيبة، طيب الضريبة. وكذلك براعة إستهلال الخطبة من كتابنا هذا جائت دالّة على ما بني عليه هذا الكتاب، وذلك قولنا: الحمد لله الذي جعل محمّداً حسن الأخلاق، وهذا من أبرع الإستهلالات وأجودها. وكذلك اشتملت على تخلّص حسن وقع في بيت واحد، وهو قولنا فيها:
يرشفينها ريقة عنبيّة ... كخلق أبي الهادي روت عنه طيبها
فهذا كما تراه انتقال من وصف ريقة المحبوب وادّعاء كونها عنبيّة أي خمرة معتصرة من العنب إلى خلق أبي الهادي لأنّها تشبه في عذوبتها خلقه، وإنّ طيبها فائق لأنّها ترويه عن طيبة. وأمّا حسن المقطع فيها فهو هذا الذي يعزّ على الأفكار أن تلد مثله:
إذا ما طرحت الرحل عنها بربعه ... غفرت لأيّام الزمان ذنوبها
ولنورد ما كان لنا فيهم من النظم على رويّ هذا الباب تكميلاً للفصل.
أقول: وكتبت إليه معتذراً من تأخّر كتابي إليه:
قد جنى لي الزمان أعظم ذنب ... وغدا منه شاغلي أن أتوبا
بخطوب يقول من قد عنته ... هكذا تفحم الخطوب الخطيبا
ليت شعري بم اعتذار محبّ ... قد بدا منه ما يسوء الحبيبا
فتأمّل في قصّتي وتعجّب ... أفهل هكذا يكون عجيبا
أنا مستغفرٌ وقد أذنب الده ... ر نأى معرضاً وجئت منيبا

نام کتاب : العقد المفصل نویسنده : الحلي، حيدر    جلد : 1  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست