ما أوجع البين من غريب ... فكيف إن كان من حبيب «1»
يكاد من شوقه فؤادي ... إذا تذكرته يموت
فقال له أبي: إن هذا باء وهذا تاء. قال: لا تنقط أنت شيئا. قلت: يا هذا إن البيت الأول مخفوض وهذا مرفوع. قال: أنا أقول لا تنقط: وهو يشكل! ولما توفيت أم سليمان بن وهب الكاتب، أخي الحسن بن وهب، دخل عليه رجل من نوكى الكتاب يسمى صالح بن شيرزاد، بشعر يرثيها فيه، فأنشده:
لأمّ سليمان علينا مصيبة ... مغلغلة مثل الحسام البواتر
وكنت سراج البيت يا أمّ سالم ... فأمسى سراج البيت وسط المقابر
فقال سليمان: ما نزل بأحد ما نزل بي: ماتت أمي، ورثيت بمثل هذا الشعر ونقل اسمي من سليمان إلى سالم! ومن قول صالح بن شيرزاد هذا:
لا تعدلنّ دواء بالنساء فإن ... كان الضراك فذاك الآذر يطوس «2» أبو الواسع ومجنون
: ودخل بعض شعراء المجانين على أبي الواسع وحوله بنوه، فاستأذنه في الإنشاد فاستعفى، فلم يزل به حتى أذن له؛ فأنشده شعرا، فلما انتهى فيه إلى قوله:
وكيف تنفى وأنت اليوم رأسهم ... وحولك الغرّ من أبنائك الصّيد «3»
قال له: ليتك تركتنا رأسا برأس.