الوليّ وتحظون العدوّ! قال: من يسعد بنا من الأولياء أكثر، ومن يسلم لنا من الأعداء أقلّ وأيسر؛ وإنما نحن بشر وأكثرنا أذن «1» ، ولا يعلم الغيب إلا الله، وربما استترت عنا الأمور فنقع بما لا نريد وإن لنا لإحسانا يأسو الله به ما نكلم، ويرمّ به ما نثلم، ونستغفر الله مما لا نعلم، وما أنكرت من أن يكون الأمر على ما بلغك، مع الوليّ التعزز والإدلال، والثقة والاسترسال؛ ومع العدو التحرّز والاحتيال، والتذلل والاغتيال، وربما أملّ المدل، وأخلّ المسترسل، وتجانب المتقرّب؛ ومع المقة «2» تكون الثقة؛ على أن العاقبة لنا على عدوّنا، وهي لولينا؛ وإنك لسئول يا أخا بني تميم. قلت: إني أخاف أن لا أراك بعد اليوم! قال: إني لأرجو أن أراك وتراني كما تحب عن قريب إن شاء الله تعالى! قلت: عجّل الله ذلك. قال: آمين. قلت: ووهب لي السلامة منكم فإني من محبيكم! قال: آمين. وتبسم وقال: لا بأس عليك ما أعاذك الله من ثلاث. قلت: وما هي؟ قال: قدح في الدين، أو هتك للملك، أو تهمة في حرمة، ثم قال: احفظ عني ما أقول لك، أصدق وإن ضرّك الصّدق، وانصح وإن باعدك النّصح، ولا تجالس عدوّنا وإن أحظيناه، فإنه مخذول؛ ولا تخذل ولينا، فإنه منصور؛ واصبحنا بترك المماكرة، وتواضع إذا رفعوك، وصل إذا قطعوك، ولا تسخف فيمقتوك، ولا تنقبض فيتحشموك، ولا تبدأ حتى يبدءوك، ولا تخطب الأعمال، ولا تتعرض للأموال؛ وأنا رائح من عشيّتي هذه؛ فهل من حاجة؟
فنهضت لوداعه فودعته، ثم قلت: أترقّب لظهور الأمر وقتا؟ قال: الله المقدّر الموقّت، فإذا قامت النّوحتان بالشام فهما آخر العلامات. قلت: وما هما؟ قال: موت هشام العام، وموت محمد بن علي مستهلّ ذي القعدة، وعليه أخلفت وما بلغتكم حتى أنضيت، قلت: فهل أوصى؟ قال: نعم، إلى ابنه إبراهيم.
قال: فلما خرجت إذا مولى له يتبعني، حتى عرف منزلي، ثم أتاني بكسوة من