قلت: ما ترى فيمن على الموسم؟ وكان عليه يوسف بن محمد بن يوسف الثقفي خال الوليد؛ فتنفس الصعداء وقال: عن الصلاة خلفه تسألني، أم كرهت أن يتأمّر على آل الله من ليس منهم؟ قلت: عن كلا الأمرين. قال: إن هذا عند الله لعظيم؛ فأما الصلاة ففرض لله تعبّد به خلقه، فأدّ ما فرض الله تعالى عليك في كل وقت مع كلّ أحد وعلى كل حال؛ فإن الذي ندبك لحجّ بيته وحضور جماعته وأعياده لم يخبرك في كتابه بأنه لا يقبل منك نسكا إلا مع أكمل المؤمنين إيمانا، رحمة منه لك؛ ولو فعل ذلك بك ضاق الأمر عليك؛ فاسمح يسمح «1» لك.
قال: ثم كررت في السؤال عليه، فما احتجت أن أسأل عن أمر دين أحدا بعده.
ثم قلت: يزعم أهل العلم أنها ستكون لكم دولة. فقال: لا شك فيها، تطلع طلوع الشمس وتظهر ظهورها؛ فنسأل الله خيرها، ونعوذ بالله من شرّها؛ فخذ بحظ لسانك ويدك منها إن أدركتها. قلت: أو يتخلف عنها أحد من العرب وأنتم سادتها؟ قال:
نعم، قوم يأبون إلا الوفاء لمن اصطنعهم، ونأبى إلا طلبا بحقنا، فننصر ويخذلون، كما نصر بأوّلنا أوّلهم، ويخذل بمخالفتنا من خالف منهم قال: فاسترجعت، فقال:
سهل عليك الأمر سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا
«2» .
وليس ما يكون لهم بحاجز لنا عن صلة أرحامهم وحفظ أعقابهم وتجديد الصّنيعة عندهم. قلت: كيف تسلم لهم قلوبكم وقد قاتلوكم مع عدوّكم؟ قال: نحن قوم حبّب إلينا الوفاء وإن كان علينا؛ وبغّض إلينا الغدر وإن كان لنا، وإنما يشذّ عنا منهم الأقل؛ فأما أنصار دولتنا ونقباء شيعتنا وأمراء جيوشنا فهم مواليهم، وموالي القوم من أنفسهم؛ فإذا وضعت الحرب أوزارها صفحنا بالمحسن عن المسيء، ووهبنا للرجل قومه ومن اتصل بأسبابه؛ فتذهب النّائرة «3» ، وتخبو الفتنة، وتطمئن القلوب.
قلت، ويقال، إنه يبتلي بكم من أخلص لكم المحبة. قال: قد روى: إن البلاء أسرع إلى محبينا من الماء إلى قراره «4» . قلت: لم أرد هذا. قال: فمه؟ قلت: تعقّون