فلمّا بلغ الشعر معاوية رفع ثندؤتيه [1] وقال: لقد علم الناس أن الخيل لا تجرى بمثلى، فكيف قال هذا؟! ومن جيّد شعره قول لمعاوية [2] :
يا أيّها الملك المبدى عداوته ... روّىء لنفسك أىّ الأمر تأتمر
وما شعرت بما أضمرت من حنق ... حتّى أتتنى به الأخبار والنّذر [3]
فإن نفست على الأقوام مجدهم ... فابسط يديك فإنّ الخير يبتدر
واعلم بأنّ علىّ الخير من نفر ... شمّ العرانين لا يعلوهم بشر
نعم الفتى أنت، إلّا أنّ بينكما ... كما تفاضل ضوء الشّمس والقمر [4]
وما إخالك إلا لست منتهيا ... حتّى يمسّك من أظفاره ظفر
إنى امرؤ قلّ ما أثنى على أحد ... حتى أرى بعض ما يأتى وما يذر [5]
لا تمدحنّ امرأ حتّى تجرّبه ... ولا تذمّنّ من لم يبله الخبر
571* وهجا قريشا- لعنه الله- فقال [6] :
إنّ قريشا والإمامة كالّذى ... وفى طرفاه بعد أن كان أجدعا
وحقّ لمن كانت سخينة قومه ... إذا ذكر الأقوام أن يتقنّعا [7] [1] الثندؤة: فى اللسان: «قال ابن السكيت: هى اللحم الذى حول الثدى، إذا ضممت أولها همزت، فتكون فعللة، فإذا فتحته لم تهمز، فتكون فعلوة، مثل ترقوة وعرقوة» . وفيه أيضا عن أبى عبيدة أن رؤبة كان يهمزها وأن العرب لا تهمزها. [2] من قصيدة فى كتاب وقعة صفين 424. والأبيات فى الخزانة 4: 368.
[3] شعر: بابه «نصر» و «كرم» ، وضبط فى ل بكسر العين، وهو خطأ.
[4] فى الخزانة «نعم الفتى هو» وما هنا أجود فى المعنى والسياق.
[5] قلما: رسمت هنا «قل ما» وفى همع الهوامع 2: 237: «جرى ابن درستويه والزنجانى على عدم وصل قلما، والأصح الوصل» وانظر المطالع النصرية 52. [6] البيتان فى اللآلى 864.
[7] سخينة: لقب كانت تلقب به قريش لأكلهم السخينة، وهى حساء من دقيق. وفى الروض الأنف 2: 205: «كان هذا الاسم مما سميت به قريش قديما، ذكروا أن