عيناه سهمان له كلما ... أراد قتلي بهما تسلما
وهذه أبيات تصلح أن تكون كل كلمة منها متقدمة لصواحبها، وهذا مثالها:
علَى الفضل من الجود علاماتٌ مبيناتُ
مبينات علامات من الجود علَى الفضل
من الجود علَى الفضل مبينات علامات
علامات مبينات علَى الفضل من الجود
بسعود لا بنحس خير طير ليزيد
خير طير ليزيد بسعود لا بنحس
لا بنحس خير طير ليزيد بسعود
ليزيد بسعود لا بنحس خير طير
وكتب بعض أهل هذا العصر إلى أخ له رسالة في حشو كلامها بيتين من شعر قد بينّا حروف الشعر ليسهل استخراجه: بسم الله الرحمن الرحيم أطال الله بقاك وأدام عزك ونعماك وجعلني من المحذور دونك يا سيدي جُعلتُ فداك لا ترضى لأخيك بل لعبدك أن يبقى أبداً على حال قد أيست منه أولياءه وأشمتّ به أعداءه. وبعد ذا فأنا معترف بذنبي وحق مؤثر الإقرار على الإنكار، وأن لا يعاقب لذنب جناه، ولو عرفت ما تنكره لم أعذر والله ما تأمره فيّ كلما يعود عليَّ ضرره فضلاً عما يعود عليَّ نفعه، فقد برّح والله بي هجرك، وأنا لا أكون لعفوك أهلاً لكثرة جناياتي، فأضفه إلى قديم صفحك عن إساءتي هذا نالني على أنِّي والله ما أسخطك قطّ إلاَّ مبتغياً رضاك ولا أظهرت الجفاء إلاَّ وأنا ملتمسٌ منه موافقة هواك، وقد أزال إعراضك اصطباري، وأفنى تجنبك اعتذاري، فلا ضرر الآن عما كان، فقد - وعزيز حياتك - عيل والصبر، فما لفظي إلاَّ بذكرك، ولا أجزع إلاَّ من هجرك، فانظر لعبدك الصبر والجلدا، ضعف من أن يقوم بجفائك أوْ يعتاض بها وصلك. فاصفح جُعلتُ فداك عن عبدك، فإنَّه أولى بك والسلام.
وهذا شعر فيه اسم يستخرج من أوائل الأبيات:
آهٌ من البارق الَّذي لمعا ... لم يدرِ ماذا بمهجتي صنعا
حكّم فيها البلى فها أنذا ... مكتئبٌ ما أفارق الجزعا
مذ لاح لي في السحاب أذكرني ... توريد خدٍّ من الجبا لمعا
دلَّ علَى كنهه كذي فِطنٍ ... تفريقُه فانتهره مجتمعا
وقال:
فآخر الترس له أول ... وثالث الدرع له آخرُ
وخامس الساعد ثانٍ له ... ورابع السَّيف له دابر
وهذا بيت فيه أحد عشر صاداً:
صافِ الصديقَ وأصفه صفوَ الصَّفا ... واخصص صديقك بالصداقة تخصصِ
وهذا بيت فيه إحدى عشرة حاءً:
تنحنحَ رَوْحٌ حين حاد بحاجب ... وزحزح روح حاجياً فتزحزحا
وبلغني أن رجلاً أنشد الرياشي أوْ غيره:
ما للنَّوى جُدّ النَّوى قطع النَّوى ... بالبين بين ميامني وشمالي
فقال: هو لعمري بيت حسن، غير أنَّه لو طرح بين يدي الشاة لأكلته، لأن فيه كَيْلجة نوى.
وهذه أبيات مرجعة:
يا بدني للفراق مُت كمداً ... مُتْ كمداً للفراق يا بدني
فارقني من هويت واحزنا ... واحزنا من هويت فارقني
كلمني بالشهيق من جَزَعٍ ... من جزع بالشهيق كلَّمني
عانقني كالقضيب معتدلاً ... معتدلاً كالقضيب عانقني
تتركني كالغريب يا سكني ... يا سكني كالغريب تتركني
يحفظني الله فيك قلت له ... قلت له الله فيك يحفظني
وبلغني أن محمداً بن زبيدة قال لأبي نواس: قد أكثرت عليَّ وأنا مُلق عليك شيئاً، فنفيت من هارون، لئن لم تجزه لأقتلنك وأستريح.. قال: وما هو يا أمير المؤمنين، قال: قل شعراً بلا قافية فقال:
ولقد قلت للمليحة قولي ... من بعيد لمن يحبك مَهْ حكاية قبله
فأشارت بمعصم ثمَّ قالت ... من بعيد خلاف قولي ماه حكاية لا
فتنفست ساعة ثمَّ إنِّي ... قلت للبغل عند ذلك راه حكاية عد
وهذا شعر فيه بالزنجية: حدثني أبو الحسن محمد بن الخطاب الكلابي، عن محمد بن مزرّع البصري، قال: مررت ببطن مكة، ومعي صاحب لي، فرأيت على ركيّة ينشد شعراً بعضه أعجمي، وبعضه عربي، فقلت: يا أسود ما تقول؟ فأنشد:
ألا يا لائمي في حب ريم ... أفق من بعض لومك لا اهتديتا
أتأمرني بهجري بعض نفسي ... معاذ الله أفعل ما اشتهيتا
أحبُّ لحبها الثقلين طُرّاً ... وبكعة والبلين ودمعَ ليتا
فكائن والبكان ودوّعينا ... وشكعة والندفت وعرريتا