عصَيتُ شبا عزمي لطامةِ حيرةٍ ... دعتني إلى أن أفتح القُفل بالقُفلِ
عِدات كرَيْعان السراب إذا جرى ... تُنَسّر عن منعٍ وتُطوى علَى مطلِ
فلو شاء من لو شاءَ لم يثْن أمره ... لصيَّر فضل المال عند ذوي الفضل
ولو أنَّني أعطيتُ يأسي نصيبَهُ ... إذن لأخذتُ الدَّهر من مأخذ سهلِ
ولم يكُ ما جرَّعتُ نفسي من الأسى ... ولم يكُ ما جرَّعت قومي من الثُكلِ
وله أيضاً:
فأين قصائدٌ لي فيك تأبى ... وتأنَفُ أن أهانَ وأن أُذالا
من السحر الحلال لمجتنيه ... ولم أرَ مثلَهُ سحراً حلالا
وله أيضاً:
ما أملي فيك بالضعيف ولا ... ظنِّي في نجْمهِ بمكذوبِ
ولا قبولي ما كنت جُدْتَ به ... عليَّ بالأمس خُلسةَ الذيبِ
أقلُّ إخوانكَ الحميد غِنًى ... وأكثرُ الماء غيرُ مشروبِ
لي أملٌ دائم الوقوفِ علَى ... مُنتظر من جَداك مرقوبِ
وهِمَّةٌ ما تزالُ حائمةً ... حول رواقٍ عليك مضروبِ
فكيف ألجأتني إلى الأمد الأب ... عد من يوسف بن يعقوبِ
المانعي اليأسَ من بخالتِهِ ... والموسعي من عِدات عُرقوبِ
لستُ علَى غِرَّةٍ بمُشْتملٍ ... ولا إلى مطمع بمنسوبِ
ولا لمثلي في القولِ منك رِضاً ... والقول في المجد غيرُ محسوبِ
أما نوالٌ يُدنيكَ من مِدَحي ... أوْ اعتذار يكفيك تأنيبي
وقال علي بن الجهم:
أطاهر إنِّي عن خراسان راحل ... ومُسْتخبَرٌ عنها فما أنا قائل
أأشكوك أم أثني عليك وإنَّما ... تخيَّرتُ أدَّته إليك المحافل
ومن أحسن ما قيل في الاستيطاء لعطاء وألطفه معنى قول البحتري:
أعاتبُ إخواني ولستُ ألومُهمْ ... مُكافحةً أن الملوم المُلَوَّمُ
وما أنت بالثاني عِناناً عن العلى ... ولا أنا بالخلّ الَّذي يتجرَّمُ
سأحملُ نفسي عنك حملَ مُجامل ... وأكرِمُها إن كانتِ النَّفس تُكرمُ
وأبعدُ حتَّى تعرضَ الأرض بيننا ... ويُمسي التلاقي وهو غيبٌ مُرجَّمُ
عليك السّلامُ أقصر الوصل فانطوى ... واجمع توديعاً أخوك المسلّمُ
وما منعَ الفتحُ بن خاقان نَيْلهُ ... ولكنها الأقدارُ تُعطي وتحْرمُ
خلا أن باباً ربما التاثَ دونه ... ووجهاً طليقاً ربما يتجهَّمُ
سحاب خَطاني جودُهُ وهو مُسبلٌ ... وبحر عداني فيضُهُ وهو مُفعمُ
وبدرٌ أضاءَ البدرَ شرقاً ومَغرباً ... وموضعُ رجلي منه أسود مُظلمُ
أأشكو نداه بعدما وسِعَ الورى ... ومن ذا يذم الغيثَ إلاَّ مُذَمّمُ
وله أيضاً:
أمرْتَ بأنْ أُقيمَ علَى انتظار ... لرأيك أنَّه الرأي الأصيلُ
وراقبت الرسولَ وقلتُ يأتي ... بتبيانٍ فما جاءَ الرسولُ
فليس بغير أمركَ لي مُقامٌ ... ولا عن غير إذنك لي رحيلُ
وقد أوقفت عزمي والمطايا ... فقُلْ شيئاً لأفعلَ ما تقولُ
وقال أيضاً:
إذا محاسني اللاتي أُدِلُّ بها ... كانت ذُنوبي فقل لي كيف أعتذرُ
أهزُّ بالشعر أقواماً ذوي وسنٍ ... لو أنهم ضربوا بالسيف ما شعروا
عليَّ نحتُ القوافي من مقاطعها ... وما عليَّ إذا لم تَفْهم البقَرُ
أبَعْدَ عشرين شهراً لا جداً فيرى ... به انصراف ولا وعْدٌ فيُنتظرُ
وله أيضاً:
رأيتُك تهوى اقتناءَ المديح ... وتجهلُ مقدارَ إيجابهِ
وكيف تُرجِّي وصولاً إلي ... هـ ولم تتوصَّلْ بأسبابهِ
لئن كنت أنحله الأكرمي ... ن فما أنت أول أربابه
وأنْ أتطلَّب به نائلاً ... فلستَ مليّاً بأطلابه
وأنْ أتصدق به حِسبةً ... فإن المساكين أوْلى بهِ
وقال أيضاً:
وعدْتَ بِرْذَوْناً فردَّدْتني ... إليكَ حتَّى قام بِرْذَوني
مَنيَّتي الأدْهمَ من بعدما ... فجعتني بالأشهب الجَوْنِ
إن يكذب الميعادَ تظلِمْ وإنْ ... يصدق فبرذون بِبِرذونِ
الباب الثامن والستون
ذكر من هجي بفعله وعير ببخله