يتَّقي الله في الأمور وقد أف ... لحَ من كانَ شأنهُ الاتّقاءُ
آخر:
فتًى مثل صفو الماء ليس بباخلٍ ... عليك ولا مهدٍ سلاماً لباخلِ
ولا قائل عوراء تؤذي رفيقَه ... ولا رافعٍ رأساً لعوراء قائلِ
ولا مسلم مولًى لأمرٍ يضيمه ... ولا خالطٍ حقّاً مضيئاً بباطلِ
أبو تمام:
ونفى عنكَ زخرفَ القولِ سمعٌ ... لم يكنْ فرصةً لغيرِ السّدادِ
ضربَ الحلمُ والوقارُ عليه ... دونَ عمرِ الكلامِ بالأسدادِ
وحوانٍ أبتْ عليها المعالي ... أنْ تُسمى مطيّةَ الأحقادِ
حملَ العبءَ كاهلٌ لك أمسى ... لصروفِ الزمانِ بالمرصادِ
عاتقٌ معتقٌ من الهونِ إلاّ ... من مقاساةِ مغرمٍ أو نجادِ
ملأتك الأحسابُ أيّ حياءٍ ... وحيا أزمةٍ وحيّة وادِ
آخر:
فتًى مثل عذب الماء أمّا لقاؤه ... فبشرٌ وأمّا وجهه فجميلُ
غنيّ عن الفحشاء أما لسانه ... فعفّ وأمّا طرفهُ فكليلُ
آخر:
يذكرنيك الجود والبخل والنُّهى ... وقول الخنا والحلم والعلم والجهلُ
آخر:
فألقاك عن مذمومها متنزهاً ... وألقاك في محمودها ولك الفضلُ
وأحمد من أخلاقك البخل إنه ... بعرضك لا بالمال حاشى لك البخلُ
النابغة الذبياني:
أخلاقُ مجدكَ جلّتْ ما لها خطرٌ ... في البأسِ والجودِ بينَ البدوِ والحضرِ
متوَّجٌ بالمعالي فوقَ مفرقهِ ... وفي الوغى ضيغمٌ في صورةِ القمرِ
وقد أحسن أبو العتاهية حيث يمدح الرشيد وولده ويصفهم بالحسن والشجاعة، وقد تقدم أمثال هذا وسيأتي فيما بعد ما يخطر إن شاء الله تعالى:
بنو المصطفى هارونُ حولَ سريرهِ ... فخيرُ قيامٍ حولهُ وقعودِ
يقلِّب ألحاظَ المهابةِ بينهم ... عيونُ ظباءٍ في قلوبِ أسودِ
وقال بعض الأعراب في رجل: ما دفعته في سواد إلاّ محاه ولا قابلت به مهماً إلاّ كفاه. وقال آخر:
فذلّل أعناق الصّعاب ببأسه ... وأعناق طلاّب الندى بالفواضلِ
فما انقبضت كفّاه إلاّ بصارمٍ ... وما انبسطت كفّاه إلاّ بنائلِ
وقال محمد بن بشر الأزدي:
فتًى وقف الأيام بالعتب والرضى ... على بذل مال أوْ على حدّ منصل
وما إنْ له من نظرة ليس تحتها ... غمامة غيثٍ أوْ صبابة قسطلِ
وقال آخر وأجاد:
فتًى دهره شطران فيما ينوبه ... ففي بأسهِ شطرٌ وفي جوده شطرُ
فلا من بغاة الخير في عينه قذى ... ولا من زئير الأُسد في سمعه وقرُ
وقال أبو عبادة البحتري:
هو العارضُ الثجّاجُ أخضلَ جودهُ ... وطارت حواشي برقهِ فتلهّبا
إذا ما تلظَّى في وغًى أصعقَ العدى ... وإنْ فاضَ في أكرومةٍ غمرَ الدُّبى
رزينٌ إذا ما القومُ خفّتْ حلومهمُ ... وقورٌ إذا ما حادثُ الدهرِ أحلبا
حياتُك أنْ يلقاكَ بالجودِ راضياً ... وموتُك أنْ يلقاكَ بالبأسِ مُغضبا
حرونٌ إذا عازرْته في مُلمّةٍ ... وإنْ جئتهُ من جانبِ الذُّلِّ أصحبا
إذا كفَّ لم يقعدْ به العجزُ مَقعداً ... وإنْ همَّ لم يذهبْ به الخرقُ مذهبا
قال المفضل: أتاني رسول المهدي، فقال أجب أمير المؤمنين فهالني ذلك فمضيت حتّى دخلت وعنده علي بن يقطين والمعلى مولاه فسلمت فردوا، وقال: اجلس، فجلست، فقال: أخبرني بأمدح بيت قالته العرب، فتحيرت ساعة ثم جرى على لساني قول الخنساء:
وإنَّ صخراً لمولانا وسيِّدنا ... وإنَّ صخراً إذا نشتو لنحَّارُ
أغرُّ أبلجُ تأتمُّ الهداةُ بهِ ... كأنَّه علمٌ في رأسهِ نارُ
فقال: أخبرت هؤلاء فأبوا، فقلت: يا أمير المؤمنين كنت أحق بالصواب، واعترض ابن الرومي قولها فقال:
هذا أبو الصقرِ فردٌ في مكارمهِ ... من نسلِ شيبانَ بين الطلحِ والسلمِ
كأنَّه الشمس في البرجِ المنيفِ بهِ ... على البريّةِ لا نارٌ على علمِ
أبو تمام:
كم من وساعِ الخطوِ في طلقِ الندى ... لمّا جرى وجريتَ كانَ قَطوفا
أحسنتُما صفدي ولمن كنتَ لي ... مثلَ الربيعِ حياً وكانَ خريفا
وكلاكما اقتعد العُلى فركبْتها ... في الذروة العليا وكانَ رديفا
وقال أمية بن الصلت وأجاد: