لا ينأى عنهم، ولا يقرب منهم، فان استدناه الملك، أكب على أطرافه فقبلها، ثم قام، فان أومأ «1» إليه بالقعود قعد، فان كلمه أجابه بانخفاض صوت، وقلة حركة وان سكت، نهض قبل أن يتمكن به المجلس بغير تسليم، ولا توديع ولا انتظار أمر.
وان كان من الطبقة الوسطى، فينبغى أن يقف نائيا عن الملك، وان استدناه دنا خطوات ثلاثة، فان استدناه ثانيا، دنا مثل ذلك، فان أومأ اليه بالقعود قعد مقعيا، «2» أو جاثيا، وان كان فى دخوله محاذيا له عدل يمينا أو شمالا، ان أمكن ذلك، ثم ينحرف الى مجلسه، فاذا وقعت عينه عليه هرول اليه حتى يقف بين يديه، ويدعو قائما، وان سكت عنه انصرف ومشى القهقرى «3» من غير سلام ولا كلام، وان أمكن ان يستتر بشىء عن نظره فعل، «4» فاذا دخل اليه من يساويه فى السلطات فينبغى للملك ان يقوم اليه فيعانقه، ويجلس مجلسه، ويجلس دونه، فاذا انصرف مشى معه خطى يسيرة، ويدعو بدابته، ويأمر حشمه بالسعى بين يديه، ليفعل به مثل ذلك اذا كان فى مثل حاله.
ومن حضر طعام الملك فينبغى ان يقلل الاكل غاية الاقلال، حتى يأكل كما تأكل الطير، فانما يراد بمواكلة الملوك التشريف لا الشبع.
وروى ان سابور ذا الاكتاف أراد أن يولى رجلا قضاء القضاة، فأحضره طعامه، فأكل أكلا واسعا، فلما فرغ قال له: انصرف فان من شره بين يدى الملوك كان الى مال الرعية أشره،.. ودعا المنصور فتى من بنى هاشم الى