الطبقة الثانية من الطور الأول: أبرز علمائها عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وعيسى ابن عمر، وأبو عمرو بن العلاء، وكلهم لم يصل إلينا شيءٌ من مؤلفاتهم، وإن كان يُنسب إلى أبي عمرو بن العلاء كتاب في القراءات، وهو واحدٌ من القراء السبعة كما تعلمون، ويُنسب إلى عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي كتاب أسماءه "الهمز"، يعني تصريفات الهمزة، ويُنسب إلى عيسى بن عمر كتابان، واحد اسمه الجامع، وواحد اسمه الإكمال، وقد عنهما الخليل بيتين من الشعر:
ذهب النحو جميعًا كله غير ما ألف عيسى بن عمر
ذاك إكمالٌ وهذا جامع فهما للناس شمسٌ وقمر
على كل حال هذا هو الطور الأول، وللأسف لم يصلنا ـ فيما أعلم ـ من كتب هذا الطور شيءٌ.
الطور الثاني: وهو طور النشأة والنمو، هذا بدأ الكوفيين فيه يشاركون البصريين في التأليف، وكانوا في بداية هذا العصر لا توجد بينهم مناقشات ولا محاورات ولا شيءٌ، يعني كانوا إخوانًا يتعلم بعضهم من بعضٍ، ويتعلم الكوفيون من البصريين الأوائل.
وهذا الطور يبدأ بالنسبة للبصرة بعصر الخليل بن أحمد، وبالنسبة للكوفة يبدأ بأبي جعفر الرؤاسي، وينتهي بالنسبة للبصرة إلى عصر المازني، ويبدأ بالنسبة للكوفة من أبي جعفر الرؤاسي إلى ابن السكيت، في هذا الطور اشتركت المدرستان في التأليف، واشتركوا في بدايات الحوار والنقاش فيما بينهما، لكنه لم يقوَ، لأنهم لا يزالون إلى الآن ـ أعني الكوفييّن ـ يعترفون بأساتذتهم ويقدرونهم لأنهم أخذوا علمهم في النحو في بداية الأمر عن البصريين. هذا هو الطور الثاني.