أما الطور الأول فهو طور الوضع والتكوين وهو بصريٌ خالصٌ، ويبدأ من أول عصر أبي الأسود الدؤلي وينتهي بأول عصر الخليل بن أحمد الفراهيدي، أي ما يقارب قرنًا من الزمان، لم يكن للنحويين الكوفيين في هذا الوقت شروعٌ في التأليف في هذا العلم، وإنما كان المؤلفون كلهم من البصرة، وأما الكوفيون فقد نفعونا نفعًا كبيرًا في هذا الوقت، وهو أنهم كانوا يجمعون كلام العرب، صحيح أنهم جمعوا أحيانًا الغث مع السمين، لكنهم تفرغوا في هذا الوقت كله إلى جمع كلام العرب من أماكن متعددة من القبائل العربية، وأخطئوا خطأً يسيرًا في أنهم اعتمدوا على بعض القبائل التي اختلطت بالأعاجم أو التي كانت في أطراف الجزيرة العربية، لكن الغالب في ما جمعوه في الفترة الأولى حينما كانوا مشغولين بجمع الأخبار والأشعار الغالب فيه أنه يمكن أن يُعتد به ويُبنى عليه القواعد الصحيحة السليمة. هذا هو الطور الأول، قلنا طورٌ بصريٌّ يبدأ من عصر أبي الأسود، وينتهي بأول عصر الخليل.
ويقسمون هذا الطور الأول طبقتين:
الطبقة الأولى: من أبرزهم أُناسٌ ممن قيل إنهم هم الذين بدؤوا في التأليف في النحو، وأبرزهم أربعة، ويُقال يُنسب إلى كل واحدٍ منهم أنه هو الذي بدأ في التأليف في علم النحو. واحد اسمه عنبسة بن معدان الفيل، الثاني اسمه نصر بن عاصم، والحقيقة أنه الذي قام بضبط المصحف بالحركات، ولكنه ليس هو المؤلف أو البادئ الحقيقي لهذا العلم، الثالث عبد الرحمن بن هُرمز، الرابع يحيى بن يعمر. هذه هي الطبقة الأولى، وكثير من الناس يقولون إن هؤلاء الأربعة هم الذي بدؤوا التأليف في هذا العلم.