ثم ننتقل بعد هذا إلى بابٍ جديدٍ وهو باب إنّ وأخواتها، قال المصنف (وَأَمَّا إِنَّ وَأَخَوَاتُهَا فَإِنَّهَا تَنْصِبُ الاسْمَ وَتَرْفَعُ الْخَبَرَ) ، كما ترون عملها عكس عمل كان وأخواتها، لأن في كان وأخواتها كان الاسم هو المرفوع والخبر هو المنصوب، أما هنا فبالعكس، إن وأخواتها يكون اسمها منصوبًا ويكون خبرها مرفوعًا.
ثم قال ابن آجروم رحمه الله (وهي) يعني يعدد الآن إن وأخواتها، فيقول (وَهِيَ: إِنَّ، وَأَنَّ، وَلَكِنَّ، وَكَأَنَّ، وَلَيْتَ، وَلَعَلَّ، تَقُولُ: إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ، وَلَيْتَ عَمْرًا شَاخِصٌ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) مثل لنا
بمثالين، أحدها لـ"إن" والآخر لـ"ليت"، وعليك أن تقيس، وهنا فيه اختلاف بينها وبين كان وأخواتها من حيث توسط الخبر ومن حيث تقدم الخبر عليها، فأولا بإجماع لا يجوز تقدم أخبارها عليها، أما توسط الخبر بين "إن" واسمها أو "ليت" واسمها أو "لعل" واسمها فإنه جائزٌ بشرط أن يكون إمّا ظرفًا وإما جارًا ومجرورًا، وإذا كان غير ذلك فلا يجوز، فلا يجوز أن تقول "إنّ مجتهدٌ زيدًا"، هذا بإجماع، ويجوز أن تقول "إنّ في الدار زيدًا"، تقدم خيره وهو جار ومجرور، قال الله عزّ وجلّ ? إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا ? [المزمل:12] ، فـ ? لَدَيْنَا ? هذا هو خبر ? إِنَّ ?، و ? أَنْكَالًا ? هو اسمها وقد تأخر، ولا إشكال فيه لأن الخبر هنا ظرف، أما لو كان غير ظرفٍ فبإجماع لا يجوز، هذا فارقٌ دقيقٌ بين كان وأخواتها وإن وأخواتها.
هنا كانت المسألة مفتوحة من حيث توسط الخبر، سواءٌ أكان ظرفًا أم غيره، أما هنا فلا يجوز أن يتوسط الخبر إلا إذا كان ظرفًا أو جارًا ومجرورًا، ولا يجوز تقدمه مطلقًا وبإجماع لا خلاف في ذلك.