مثل لنا بمثالين فقال "إن زيدًا قائمٌ"، "إنّ" حرف توكيد ونصب، ويمكن أن تقول "إنّ" حرفٌ ناسخ، هذه كلها حروف، وهناك أفعال في باب كان وأخواتها، أقول "إنّ" حرف ناسخ، أو "إنّ" حرف توكيد ونصب، "زيدًا" اسمها منصوب، "قائم" خبرها، ومثله قولك "ليت عمرًا شاخصٌ"، فـ"ليت" حرفٌ ناسخ، وعمرًا اسمها، وشاخصٌ خبرها.
قال المصنف (وَمَعْنَى إِنَّ وَأَنَّ لِلتَّوْكِيدِ) ، أما "إنّ" فبإجماعٍ أنها تدل على التوكيد، وأما "أنّ" فبخلافٍ، فيها خلافٌ هل تدل على التوكيد أو لا تدل على التوكيد، من شواهد "إنّ" قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان (إنّ أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصم) ، فأبغض هنا اسم "إنّ"، و"الألدُّ" خبرها، و"الخصم" يمكن أن تجعلها خبرًا ثانيًا ويمكن أن تجعلها صفةً لـ"الألد"، وقال الله عزّ وجلّ، وهذا شاهدٌ لإعمال "أنّ"، قال الله عزّ وجلّ ? أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ? [مريم:83] ، فـ"أنَّ" هذه من أخوات "إنّ"، وهي ناسخة، و"نَا" اسمها ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب، وقوله سبحانه ? أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ ? هذه الجملة واقعة في محل رفع خبر "أنَّ".
قال المصنف (وَلَكِنَّ لِلِاسْتِدْرَاكِ) ، ومن شواهدها قول الله عزّ وجلّ ? إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ? [يونس: 44] ، فـ ? النَّاسَ ? هنا اسم ? لَكِنَّ ? منصوب، وجملة ?
أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ? فـ ? أَنْفُسَهُمْ ? مفعول ? يَظْلِمُونَ ? مُقدّم، فـ ? أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ? هنا في محل رفع خبر ? لَكِنَّ ?، و ? لَكِنَّ ? هنا حرفٌ يدل على الاستدراك، وهذا معناه الذي ذكره المصنف.