وقد ذهب الأستاذ في إعلال ما جمع على (مفاعل) وما ماثله، مذهباً خالف به النحاة فقال: (وقالوا إن همز مصائب، من المصائب، والصواب غير ما قرروه، وهو أن الواوي إذا كانت عينه سلمت في المفرد من القلب كالمعونة والمثوبة، تسلم أيضاً في جمعه، فيقال المعاون والمثاوب، وإن كانت قلبت في المفرد أيضاً كالمنارة والمخاضة والمشارة والمغارة، يجوز في جمعها قلبها همزة وردها إلى أصلها. وقد يعبر عن الجمع بحذف تاء الواحدة، من ثم يقال: المنارات والمخاضات والمشارات والمغارات، والمنائر والمخائض والمشائر والمغائر، والمناور والمخاوض والمشاور والمغاور، والمنار والمخاض والمشار والمغار) . والذي يفهم من كلامه هذا أن ما جعله العلماء شاذاً كمنائر مثلاً اعتده هو قياساً فقال (مخائض ومنائر ومغائر) ، ولكن ما بيَّنته في هذا وما حجته؟.. وقد أضاف إلى هذا قوله (وإن كانت قلبت في المفرد ياء كالمصيبة فيتعين قلبها في الجمع همزة لبعدها عن أصلها كل البعد فيقال المصائب لا غير) . أقول قد جعل ابن جني مصائب شاذاً كما فعل سواه، لكنه حاول أن يعتل لهذا الشذوذ بأن الياء في (مصيبة) ، وإن لم تكن زائدة فإنها ليست بالأصل على كل حال، لأنها بدل من (الواو) في (مصوبة) . لكن الاعتلال للشذوذ، أو الاعتذار من الخطأ شيء، وجعله قياساً شيء آخر. قال ابن جني في الخصائص (3/277) : (ومن ذلك همزهم مصائب، وهو غلط منهم ... ) ، ثم قال: (وكأن الذي استهوى في تشبيه ياء مصيبة بياء صحيفة أنها، وإن لم تكن زائدة، فإنها ليست على التحصيل بأصل، وإنما هي بدل من الأصل، والبدل من الأصل ليس أصلاً، وقد عومل لذلك معاملة الزائد.) .