التفكير في وضع قواعد النحو والصرف وسببه:
شيوع اللحن في المفردات والأساليب:
كانت العرب تنطق على سجيتها، وبما توحي إليها سليقتها، لا تتعثر ألسنتها في خطأ، ولا يشوب صفو كلامها لحن. ولما انتشر الإسلام وخالط العرب العجم فسدت السليقة العربية، وبدأ اللحن يدبّ إلى الألسنة, وشمل هذا اللحن المفردات والأساليب.
سمع أبو عمرو بن العلاء رجلا ينشد قول المرقش الأصغر:
ومن يلق خيرا يحمد الناس أمره ... ومن يغوَ لا يعدم على الغيّ لائما
فقال: أقوّمك أم أتركك تتسكّع في طُمّتك؟ فقال: بل قوِّمني، فقال: قل: ومن يغوِ "بكسر الواو" ألا ترى إلى قول الله -عز وجل: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [1]، وروي أن نبطيا سئل: لِمَ اشتريت هذه الأتان؟ فقال: أركبها وتلَد لي, بفتح اللام[2]. [1] طبقات الزبيدي 29، وشرح فصيح ثعلب 4، وفي شرح القاموس قال أبو عبيد: بعضهم يقول: غوي يغوى كرضي يرضى، وليست بالمعروفة، وانظر أفعال ابن القطاع 2/ 443، وعبث الوليد 28. [2] عيون الأخبار 2/ 159، البيان والتبيين 1/ 74، وقد عقد الجاحظ بابا للحن في كتابه 2/ 10.