وعلى الرغم من ذلك فثمة فريق من علماء العربية المعاصرين يميل إلى تجديد اللغة وتنميتها عن طريق الوسائل المشهورة كالاشتقاق والارتجال والمجاز والنحت والتعريب، ويدعو إلى ترك الغريب والحوشي والمهجور والممات وتفريغ المعاجم اللغوية مما تحويه من ذلك[1].
ومن أظهر من يمثل هذا الرأي المعلم الخوري بطرس البستاني الذي عدّ اشتمال المعاجم العربية على الغريب والحوشي والمهجور والممات عيباً من عيوبها وشائبة ينبغي تخليص المعاجم منها لمكان ذلك من الغرابة أو لتوغله في الحوشية والوحشية أو لهجره، وهو يرى أن دفنه خير من بقائه ويشبه بقاءه بالدُّمَّل في جسم اللغة البهي[2].
ويتألم هذا الباحث ويتحسر لاتجاه اللغويين والمعجمين إلى الإبقاء على هذا النوع من الألفاظ في معاجم العربية، ويقول: "ومما هو جدير بالأسف أنه بات من الراسخ في وهمنا أن تلك الألفاظ المستكرهة لا بد من إثباتها في معاجمنا، وإلا اجترحنا أفظع جريرة في حق لغتنا، وأفقدناها كنزاً ثميناً لا يعوض ولا نعلم متى تسقط هذه الكلمات المنبوذة من معاجمنا"[3].
وهذه نظرة غير موفقة لهذا النوع من الألفاظ التي يمكن الاستفادة منها بإحيائها في معناها أو بإلباسها معنى جديداً كما استفادت بعض اللغات الحية من ممات اللاتينية القديم. [1] ينظر: في أصول اللغة 109، وأعمال مجمع اللغة العربية بالقاهرة 196، والعيد الذهبي لمجمع اللغة العربية 192، والمعجم العربي: بحوث في المادة والمنهج والتطبيق 268. [2] ينظر: مجلة المشرق، سنة 1931م، مجلد 29 ص 683، 684. [3] مجلة المشرق سنة 1931م، مجلد 29 ص 683.