أمدًا طويلًا، وذلك لأن شعوب الهند أعرق حضارة من الإنجليز، ولقلة أفراد الجالية الإنجليزية بهذه البلاد، وعدم امتزاجها بالسكان[1].
ولكن عدم تغلب إحدى اللغتين لا يحول دون تأثر كل منهما بالأخرى؛ فقد تأثرت اللاتينية بالإغريقية في أساليبها وآدابها, واقتبست منها طائفة كبيرة من مفرداتها, وتأثرت الإنجليزية بعض التأثر باللاتينية من قبل أن تتأثر تأثرًا كبيرًا بشعبة من شعبها وهي النورماندية, وقد تركت اللغة العربية آثارًا قوية في الأسبانية والبرتغالية، وبخاصة في المناطق التي كانت تسمى بالأندلس أو أندلوسيا Andalousie؛ حيث دام سلطان العرب عدة قرون[2], والصراع بين العربية والفارسية، وإن لم ينته إلى تغلب إحداهما، قد ترك في كلٍّ منهما آثارًا واضحة من الأخرى، وبخاصة من ناحية المفردات, والصراع بين التركية ولغات الأمم التي خاضعة للإمبراطورية العثمانية، وإن لم ينته إلى تغلب لغوي، قد ترك في التركية آثارًا قوية من هذه اللغات, وبخاصة من اللغة العربية، وترك كذلك في هذه اللغات آثارًا ظاهرة من التركية[3].
حـ- الخلاصة:
وقصارى القول: متى اجتمع لغتان في بلد واحد لا مناص من تأثر كل منهما بالأخرى، سواء تغلبت أحداهما أم كتب لكتيهما البقاء. غير أن هذا التأثر يختلف في مبلغه ومنهجه ونواحي ظهوره ونتائجه [1] ولكن أصبحت الإنجليزية لغة ثقافة ولغة تفاهم مشترك بين سكان القارة الهندية المتعددة لغاتهم. [2] ويظهر أن الآثار التي تركتها العربية في البرتغالية قد بلغت درجة كبيرة من الضخامة حتى أن بعض الباحثين أفرد مؤلفات خاصة للكلمات البرتغالية المأخوذة من العربية, ومن هؤلاء الأستاذ راجي باسيل في ريو دي جانيرو بالبرازيل؛ فقد طبع أربع كراسات عنوانها: "معجم الكلمات البرتغالية المأخوذة من العربية" وقدم هذه الكراسات إلى جريدة الأهرام، ونشرت ذلك جريدة الأهرام بعددها الصادر في 29/ 3/ 1944. [3] قد بلغ هذا التأثر مبلغًا كبيرًا في بعض هذه اللغات؛ فلغة العراق في العصر الحاضر مثلًا قد أخذت عن التركية كثيرًا من المفردات وبعض الأصوات التي لا نظير لها في العربية؛ كالصوت الذي ينطق به بين الشين والجيم المعطشة في مثل عربنجي" وطائفة من القواعد الصرفية كقواعد النسب والنعت والإضافة في مثل: عربنجي "سائق العربة"، خوش ولد "خوش كلمة فارسية الأصل معناها حسن"، كتبخانة ""دار الكتب".. إلخ.